الشركات الروحانية

الدكتور علاء جراد

يتسم عالم الأعمال اليوم بالمنافسة الشديدة، والسعي الدؤوب لتحقيق الربح، لكن في خضم ذلك يتجه عدد متزايد من الشركات إلى الروحانية أو «Spirituality» كوسيلة لخلق بيئة عمل أكثر جدوى وجذباً، ويبدو أن هناك توجهاً متسارعاً نحو تضمين «الروحانية» في بيئة العمل، خصوصاً في شركات القطاع الخاص والشركات متعددة الجنسيات.

وعلى الرغم من أن الموضوع يعد جديداً بعض الشيء، فإن مجلة «فوربس» أفردت مقالات عدة حوله، حيث يسلّط مقالها الأخير في عام 2023، الضوء على هذا الاتجاه الناشئ، ويوضح كيف أن دمج المبادئ الروحية في مكان العمل لا يؤدي فقط إلى تعزيز رفاهية الموظفين، لكنه يسهم أيضاً في تحسين نتائج الأعمال.

إن مفهوم الروحانية في العمل لا يتعلق بالترويج لدين معين أو نظام عقدي معين، لكنه يدور حول الاهتمام بمساعدة الموظفين في البحث عن هدفهم في الحياة، والشعور الأعمق بالإنجاز في عملهم، وتعزيز الوعي الروحي والمعنوي، وعدم التسرع في الحكم على الآخرين. ويشجع هذا النهج الشامل الممارسات التي تعزز الشعور بالانتماء للمجتمع، ويعزز السلوك الأخلاقي والقيمي، كما يدعم هذا التوجه النمو الشخصي والوعي الذاتي. إن إحدى الأفكار الرئيسة الواردة في مقالة «فوربس» هي التأثير الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه الروحانية في الثقافة المؤسسية، فالشركات التي تتبنى القيم الروحانية في الأغلب تشهد مستويات أعلى من مشاركة الموظفين وولائهم، وذلك لأنه عندما يشعر الموظفون أن وظيفتهم تتماشى مع قيمهم الشخصية، وتوفر فرصة للإسهام في تحقيق خير أكبر للمجتمع، فإنهم يصبحون أكثر تحفيزاً والتزاماً. علاوة على ذلك، فإن مكان العمل الذي يشجع الوعي والتعاطف، يمكن أن يقلل بشكل كبير من مستويات التوتر، ما يؤدي إلى موظفين أكثر صحة وسعادة، وتشير الأبحاث إلى أن الموظفين الذين يتمتعون بالوعي الروحي، يمكنهم تحسين الأداء والإنتاجية. بشكل عام، يمكن لدمج الروحانية في بيئة العمل أن يعزز رفاهية الموظفين وإنتاجيتهم ونجاحهم.

ويمكن أن تأخذ الممارسات الروحية في العمل أشكالاً مختلفة، تراوح من جلسات التأمل والتدبر إلى إنشاء ممارسات تجارية أخلاقية ومبادرات خيرية، ما يسهم في تهيئة بيئة عمل يشعر فيها الموظفون بالتقدير والاحترام، ويعزز الإبداع والابتكار والتعاون. ومع ذلك، فإن دمج الروحانية في بيئة العمل قد يواجه بعض التحديات، حيث يتعين على القادة أن يراعوا ويحترموا المعتقدات الفردية المختلفة، والتأكد من أن الممارسات الروحية لا تنفر أو تستبعد أي شخص، خصوصاً أنه توجه جديد نسبياً، وربما يختلط مفهوم الروحانية بالمعتقدات الدينية. ولايزال الموضوع بحاجة إلى مزيد من الفهم والدراسة. وسيستعرض المقال القادم بعض الممارسات العملية.

Garad@alaagarad.com

Alaa_Garad@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر