«سأترك البيت»

أمل المنشاوي

«سأترك البيت»، لا شيء يهم، لا استقرار ولا هدوء ولا أطفال ولا عشرة ولا عهد ولا ود ولا قدرة على التحمل والاستمرار.

«سأترك البيت»، سأتخلى عن الصبر وأهدر سنوات العمر التي أمضيتها في تأسيسه وإعلاء بنائه، وأشرع الأبواب لرياح الخوف وأزيل سقف الأمان والدفء عن أبنائي.

«سأترك البيت» إلى المجهول الذي ربما يكون أسوأ بكثير وفي حكايات الأخريات عبرة وعظة، فعضّ أصابع الندم بعد فوات الأوان لم يُفد.

«سأترك البيت» وأعود لبيت أبي أو أخي أو عند صديقتي التي تعيش معي تفاصيل حياتي وما أعانيه، ثم ما يلبث الوقت أن يصفعني بأنني عبء لا يريد أحد تحمّله.

«سأترك البيت» أياماً طلباً للراحة بعيداً عن التوتر والقلق ثم أعود، لكن الرجل الشرقي مازال كما أبيه وجده، لا يتعاطف مع مثل هذه الطلبات ولا يقبلها.

«سأترك البيت» بعد مشكلة كبيرة مع زوجي وأريد الذهاب إلى مكان مناسب لعدة أيام، فهلا نصحتموني.

بداية صباح في عيد الحب غير سعيدة على الإطلاق، تلك التي شاركتنا فيها رغماً عنا إحدى العضوات على أحد مواقع التواصل الاجتماعي وكانت تلك الردود عليها.

«سأترك البيت».. عبارة تهديد ووعيد تحفظها كل النساء عن ظهر قلب، وتلقي بها في وجه الرجل كلما نشب خلاف بينهما ربما بلا قصد أو كنوع من الضغط، أو تنفيساً عن الغضب، المهم أن المحصلة وضعان كلاهما مر: إما تصعيد يعقبه خروج بلا عودة، أو خروج وعودة بعد انكسار شيء عظيم في علاقة الطرفين.

يا سيدتي، كل امرأة اختارت بملء إرادتها أن تتزوج وتؤسس بيتاً وتنجب، الأمر لم يعد ترفاً، هناك أرواح معلقة في رقابنا لم نأخذ رأيهم قبل إنجابهم، وعلينا دور عظيم في توفير بيئة آمنة وحياة مستقرة لهم ولو على حساب راحتنا واستقرارنا.

يا سيدتي كل امرأة، اعلمي جيداً أن البيت بيتك أنت وأبناؤك وحقك شرعاً وقانوناً وعرفاً أياً كانت الخلافات، إلا إذا قررتِ الرحيل بلا عودة لاستحالة إكمال الطريق.

لا بيوت بلا مشاكل ولا حياة بلا ضغوط أو أوجاع، وفكرة «ترك البيت» للأسف تظنها الكثيرات أمراً سهلاً لكن واقعها صعب، فنادراً ما تعود القلوب أبداً كما كانت قبل الرحيل.

amalalmenshawi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر