القيادة نحو الاستدامة

محمد سالم آل علي

مع تصاعد المخاوف العالمية بشأن التدهور البيئي وتغير المناخ، اتخذت الدولة إجراءات وخطوات ملموسة لتعزيز الممارسات المستدامة في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك قطاع النقل الذي كان له النصيب الأكبر في تلك الجهود، فبدأت الدولة بتعزيز ثقافة السيارات الكهربائية الأكثر مراعاة للبيئة، وميزتها بالكثير من الرعاية والامتيازات، كما قامت بتطوير شبكة فعالة ومتطورة من وسائل النقل العامة التي تصل إلى شتى المناطق والأنحاء، جنباً إلى جنب مع نظام المترو في دبي الذي يطوف الأماكن، ويقدم شهادة حية ومستمرة عن براعة التخطيط المستدام، يضاف إلى ذلك العديد من الاستثمارات في مسارات ركوب الدراجات العادية والكهربائية، والنقل المائي، وكذلك المبادرات التي تشجع المواطنين والمقيمين على تبني خيارات النقل الأكثر مراعاة للبيئة، كمفهوم المشاركة في الرحلات.

إلا أن ما سأتحدث عنه اليوم يختلف قليلاً عن كل ما ذكر أعلاه، لأنني سأتجاوز الحلول الكهربائية، وأركز على دور الأفراد في تعزيز الاستدامة من خلال كيفية قيادتهم لمركباتهم على اختلاف محركاتها وسعاتها، أي وبعبارة أخرى الممارسات المطلوبة من السائقين لتقليل بصمتهم الكربونية كل على حدة، ودعوني أبدأ هنا بعادات القيادة السليمة التي تعد عاملاً أساسياً في تقليل استهلاك الوقود، وبالتالي الانبعاثات، مثل الالتزام بحدود السرعة، وتجنب التسارع السريع والكبح المفاجئ، والاستعاضة عن ذلك بالالتزام والتدرج الذي يعد أكثر كفاءة بكثير، وأيضاً استخدم نظام تثبيت السرعة على الطرق السريعة للحفاظ على معدلات ثابتة من الاستهلاك، ولا شك أيضاً إيقاف تشغيل المحرك عند ركن السيارة أو الانتظار فترات طويلة، والتأكد دوماً من ضغط الإطارات، حيث إن الإطارات غير الممتلئة تخلق مقاومة أكبر للدوران، ما يقلل من كفاءة استهلاك الوقود.

وأضيف أيضاً جانباً آخر هو التقليل من استخدام نظام التكييف في فصل الشتاء، بالطبع عندما يكون ذلك ممكناً ومناسباً للسائق والركاب، وبالتأكيد هناك مسألة صيانة المركبات التي تعتبر أمراً ضرورياً للاستدامة، فالمركبة التي تتم صيانتها بشكل منتظم تصدر ملوثات أقل، وتستهلك وقوداً أقل، ولا ننسى أخيراً التخطيط للرحلات مسبقاً، والعمل على تقليل مسافة القيادة عبر تطبيقات الخرائط ونظام التموضع العالمي التي أصبحت متاحة للجميع.

خلاصة القول هي أن الاستدامة تبدأ دوماً بالوعي والتعليم ونشر المعرفة، فمن خلال الجمع ما بين السياسات والمبادرات الحكومية وما بين المشاركة المجتمعية وحملات التوعية، سيدرك الجميع مدى قوة التأثير البيئي لعادات القيادة التي يمارسونها خلف المقود، وسينطلقون في رحلتهم الآمنة نحو مستقبل أكثر خضرة واستدامة.

مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر