لصنف من يتزوجها

أمل المنشاوي

كنت أبادرها بالتحية كلما قابلتها تتريّض في الحديقة المقابلة لمنزلي، فتبادرني بابتسامة ندية ووجه صبوح وعافية واضحة، تجابه تقدم العمر بالمشي السريع كل يوم في المكان

ذاته، فيما أنقطع أنا أياماً وأعود أخرى.

يبهرني إصرارها وإقبالها على الحياة، فأتبادل معها أطراف الحديث حتى تعارفنا بعد نحو العام.

تقترب من إكمال عقدها السادس، وتعلن ذلك بأريحية وثقة، وبلا خجل من خطوط الزمن التي تزحف ببطء على وجنتين متوردتين وجبين غير عابس من خوف أو حزن أو ملام.

تحكي قصتها التي بدأتها قبل 40 عاماً مع شريكها الذي علمها كيف تحب وتمنح بلا مقابل، وتتمتع ببسيط الأشياء، وتمد يديها بالخير، وتتصالح مع الضغوط، وتعيش بسلام.

تقول بفخر: «كنت أعمل في البيت وخارجه، لكن يده لم تفلت أبداً يدي، كان ومازال متكأ الأيام وشريك العمر والأحلام». «كنت أرقب الجهد الذي يبذله لأجلي أنا وأبنائي، فأتعلم الصبر، وأقابل العطاء بالامتنان والاهتمام». «تحسنت الأحوال كثيراً، فأصبحت أعطي لنفسي من الوقت ما يكفيها لأظل بعيدة عن القلق والتوتر الذي يفتك بصحة النساء، تعلمت السباحة بعمر الخمسين، وأتقنت معه ركوب الدراجات، وذهبنا معاً إلى شاطئ البحر كل أسبوع، وسافرنا لكثير من دول العالم. باختصار، كل واحدة تنتمي لصنف من يتزوجها».

يا الله كم هي عميقة عبارتها: «كل واحدة تنتمي لصنف من يتزوجها»، نعم كل امرأة تتلون أيامها بلون سعادتها أو تعاستها في بيت زوجها، فتشرق حين تلقى رعاية واهتماماً، وتنطفئ حين لا تجد إلا التجاهل والإهمال، كل امرأة تتفتح ورودها وتأنس نفسها ويرتاح قلبها بطيب العشرة وعذب الكلام.

المرأة بتكوينها قادرة على تحمل الكثير، والقيام بأدوار متعددة في وقت واحد، وتفعل ذلك بسعادة ورضا، لكن عدم التقدير والاهتمام والرعاية من زوجها، أكثر ما يشعرها بالإحباط والخيبة، ويورثها المرض والآلام.

نحن النساء كرّمنا الله جل وعلا، وأوصى بنا رسوله الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، بقوله: «استوصوا بالنساء خيراً»، نعيش ونُعمر البيوت ونخلص الود ونمنح العمر والصحة بلا منّ أو تفضل أو ملل، مفتاح كل منا اللين والإكرام.

وكل امرأة وصحتها وسلامها النفسي ومظهرها وثقتها بالعالم حولها عنوان وانعكاس لما تلقاه في بيت زوجها من رعاية وحب وتقدير واهتمام، وصدقاً: «كل واحدة تنتمي لصنف من يتزوجها».

amalalmenshawi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر