مقال ملح وسكر

المدربون

يوسف الأحمد

لم تُطو صفحة المرحلة الأولى من دورينا إلا وقد تساقط بين سطورها نصف عدد مدربي فرق الدوري، بعدما لجأ العديد منها إلى خيار استبدال الأجهزة الفنية، والتدخل سريعاً لمعالجة أوضاعها، إثر تدهور النتائج وتراجعها بشكلٍ أغضب وأسخط جماهيرها ومحبيها، الذين ضغطوا باتجاه التغيير لتدارك الأمور وتحسين الصورة، بسبب الظهور الضعيف والمخرجات المتواضعة، التي لم ترق إلى حجم الطموح الذي رُسمت على مسرحه أحلام وأمنيات تلك الجماهير، بعد أن جاءت مخيبة ومحبطة لها إلى حدٍ كبير.

ولعل من الوارد، بل من المعتاد، أن نشهد عدداً محدوداً من حالات الإعفاء والإحلال التي تأتي كردة فعل سريعة من الإدارات للتصحيح والتصويب، ثم لكبح غضب الجمهور، وهو ما كنا نعايشه ونشاهده في جميع المواسم السابقة، لكن أن تصل حالات الإقالة إلى هذا الرقم، ونحن مازلنا في الفترة الأولى من الموسم الكروي، فهو خلل متكرر وملازم للمنظومة الإدارية في أنديتنا، وبما يبرهن أيضاً على اختلال مقام وبسط المعادلة التعاقدية، المفترض أن قوامها مبنيٌ على رؤية علمية، ويستند إلى عنصري الممكنات المتوافرة ثم كفاءة المدرب الفنية، شريطة انسجامها مع الاحتياجات والأدوات المحددة لمسار الطريق الذي يقود الفرق إلى موقعها النهائي في مشوار المنافسة.

الفهم الحقيقي لواقع القدرات الفنية يُسهم في توازن تلك المعادلة ونجاح أطراف العلاقة، إذ إن الفرق تستمد عزمها وتبني قوتها من مُكونها الأساسي الذي تمتلكه، ثم من إرثها الكروي، وهو ما يلعب دوراً كبيراً في استقرارها إدارياً وفنياً، وما يعمل أيضاً على تجنبها لتلك الهفوات والمنغصات المعيقة لعملها. ومما لا شك فيه أن تلك المتغيرات تُكبد الأندية وتستنزف من ميزانيتها الكثير، بسبب تحملها الشروط الجزائية الباهظة، التي يبدو أن الغالبية تُهملها عند توقيع العقود لدواعٍ عدة، حيث يتشدد وكلاء وسماسرة المدربين تحت مسميات مختلفة للخروج بأفضل المكاسب، كونهم مدركين أن مسألة بقاء المدربين مرهونة بحجم النتائج ونوعيتها، التي متى ما جاءت عكسية وضعيفة، حضر حينها إخطار المغادرة وإنهاء العلاقة مع الجهاز الفني، محمولاً ومكفولاً بغنيمة الشرط الجزائي. لذلك فإن استمرارية المدرب، مهما كان اسمه ومجده، تكاد تكون شبه مستحيلة في أحيان كثيرة، بسبب تقلب الأحوال وتباين الظروف، ما يستلزم ضرورة استدراك المدة الزمنية لفترة التعاقد، ثم تعويم البند الجزائي، بما يحفظ حقوق الطرفين وفق المنطق والعدل!

 

Twitter: @Yousif_alahmed

قراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر