المقال.. من تقديم الأجوبة إلى طرح الأسئلة

د. كمال عبدالملك

يتبنّى جيسي مكارثي، أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة هارفارد، المقال كشكل لاستكشاف الفن والأدب والسياسة.

بالنسبة لمكارثي، يستلزم فهم المجتمع فهم منتجاته الثقافية وسياساته. في مجموعته الجديدة من المقالات «من سيدفع تعويضات عن روحي؟»، يستكشف الروابط بين الفن والأدب والسياسة في الثقافة الغربية على نطاق أوسع، كما يسلط الضوء على نطاق المقال كمساحة للتجريب والتعبير عن الذات.

تحدثت جريدة «هارفارد غازيت» مع مكارثي عن حبه للمقال، ولماذا يأمل أن يجد كتابه جمهوراً من الشباب.

الجريدة: من أين يأتي عنوان المجموعة؟

مكارثي: العنوان هو تكريم لجيل سكوت هيرون، وهو مأخوذ من أغنيته «من سيدفع تعويضات عن روحي؟»، كان كاتباً وشاعراً وموسيقياً، استخدم فنه كوسيلة للأفكار والسياسة والتفكير النقدي، كل هذه الأشياء مهمة حقاً للكتاب، كان لعنوان الأغنية المحدد هذا أيضاً ميزة إضافية، تتمثل في كونه على شكل استفهام، وهو أمر مهم لروح المقالات. أنا مهتم بطرح الأسئلة وإثارتها أكثر من تقديم الأجوبة. هذا ليس كتاباً توجيهياً، لا يمكنك فتحه والعثور على إجابة لسؤال التعويضات عن الظلم العنصري في أميركا أو في أي مكان آخر، ولكن نأمل أن تتمكن من فتح الكتاب، وسيدفعك إلى التفكير في تلك المشكلات بطرق جديدة، وإثارة مجموعة من المشكلات الجديدة أيضاً.

الجريدة: ماذا عن نموذج المقال الذي يروق لك؟

مكارثي: حسناً، هناك تقليد طويل ومتميز في كتابة المقالات، لاسيما في التقليد الأدبي الأميركي الإفريقي، المتمثل في استخدام المقال كموقع لربط عدد من الخيوط المختلفة للتأملات المتعلقة بالسيرة الذاتية والفلسفية والجمالية والسياسية. أنا مهتم بالإسهام في هذا التقليد وتعزيزه. أفكر أيضاً في المقال كثيراً بالمعنى الاشتقاقي لمقالات الكاتب الفرنسي مونتين Michel de Montaigne (ت. 1592)، من الفعل الفرنسي essayer بمعنى يحاول، المقال ليس نهائياً، بل يخلق مساحة للتجريب الرسمي. هناك أحياناً فكرة خطأ مفادها أن المقال عرضي: يحدث شيء ما في العالم - يصدر كتاب أو يخرج تسجيل - وتجلس، وتكون عبقرياً نوعاً ما، وتكتب هذه القطعة النثرية البديعة، وهذا ليس هو الحال على الإطلاق. صحيح بالنسبة لجميع الكتابات، من وجهة نظري، لا يمكنك تحقيق السيطرة الكافية على أفكارك وكلماتك من المرة الأولى. هناك عملية مؤلمة تتمثل في مراجعة شيء ما مراراً وتكراراً، والفحص الذاتي الدقيق لأفكارك هو الذي يسمح لك باكتشاف شيء مثير للاهتمام، ويستحق الاحتفاظ به.

 

*باحث زائر في جامعة هارفارد

قراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر