حكايتي أيضاً شرح يطول

د. بروين حبيب

«نسعد بزيارتكم لبلدكم مملكة البحرين في ضيافة المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية لتشاركونا الإلهام وحكايات الحياة»، حين تلقيت هذه الدعوة الكريمة من الدكتور مصطفى السيد أمين عام المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية لحضور منتدى المؤسسة السابع، برعاية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية، وتحت عنوان «حكايتي»، لم أتوقع أن أعيش هذا الاختلاط في المشاعر بين الفخر والاعتزاز بهذه الدعوة لأحكي حكايتي لجيل بحريني جديد، تغربت عنه نحو ربع قرن، وبين التأثر الذي وصل حد البكاء بنماذج رغم الصعوبات التي اعترضت طريقها، ليس أقلها السرطان أو الإعاقة الجسدية، ومع هذا تفوقت على نفسها وعلى الظروف التي حاربتها بقسوة، وقدمت نموذجاً جديراً بأن يقتدى.

توالى على منصة المنتدى كثيرون رووا حكاياتهم، ومن بلدان مختلفة، فشارك الإماراتي هزاع المنصوري، والكويتي فيصل جواد، ومواطنته منال المسلم، وغيرهم، حكاياتهم، واستمعوا إلى حكايات آخرين، كان القاسم المشترك بينها جميعاً اللمسة الإنسانية. فهي قصص كفاح وتحدّ وإلهام لجيل أصبح بعضٌ منه يعتقد أن رقصة سخيفة أو حركة تافهة على الـ«تك توك» توصله إلى الثراء والشهرة. وكم كان مؤثراً ومُبهراً الاستماع إلى حكاية فجر المنصوري، وصراعها الأسطوري مع مرض السرطان، وتسلحها بإيمانها وتفاؤلها وصبرها، فهؤلاء هم الأبطال الحقيقيون والمؤثرون الفعليون، لا ما تتخمنا به وسائل التواصل من مُسوخ صنعهم نظام التفاهة.

بقدر ما كنت فخورة بأن أروي حكايتي على هذه المنصة الحبيبة على قلبي، كنت خجلة من هؤلاء الأبطال في تحدي ظروفهم، ولكن ألا تستحق حكايتي أيضاً أن تروى لجيل جديد من الشباب البحريني والخليجي عموماً، وأنا الفتاة الصغيرة التي كانت تركض في فرجان المنامة، وتجد نفسها بعد سنوات مكرّمةً من «الألكسو»، وفي الشهر نفسه تروي حكايتها لأبناء بلدها، وترى بين الحضور زميلاتها في مدرسة السلمانية للبنات، وطالباتها لمّا أصبحتْ مدرِّسة، بل وجاراتها ورفيقات الطفولة وقد أصبحن أمهات يصطحبن بناتهن للتعرف إليها. حاولت أن أضغط سنوات طوالاً في ربع ساعة من الوقت وهو زمن المداخلة، فحكايتي التي سميتها «تغريبة الفراشة»، وهي نواة سيرة ذاتية سأرويها يوماً ما، رسمتُ خطوطها العريضة في كلمتي ونصب عيني أن أقدم للشباب نموذجاً اعتمدَ على العرق والاجتهاد والصبر للوصول، فهو السبيل الوحيد الذي يحقق لهم أمانيهم مع شعور تام بالرضا، لأنه وصول مدفوع ثمنه سلفاً ومستحق. وحاولت جاهدة أن اختصر ربيعاً كاملاً في زجاجة عطر، فهل وُفقت في ذلك؟ لست متأكدة، لأن حكايتي أيضاً شرح يطول.

DrParweenHabib1@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر