أخطار روبوتات الدردشة

د. كمال عبدالملك

منذ سنوات، أخبرني أحد زملائي الكنديين أنه يحب لعبة الشطرنج، فاعتقدت أنه يدعوني إلى مباراة معه، لكنه عقّب بقوله أنّه يفضّل اللعب بالشطرنج على جهاز الكمبيوتر الخاص به، ليُنافس نفسه. عندها شعرت بالحيرة الشديدة تجاه اختياراته، وتساءلت عن ماذا سيحدث إذا فاز ضد نفسه في المباراة: هل سيكون بهذه النتيجة الفائز أم الخاسر؟

والآن أرى أن عالمنا الحديث يعتمد على التكنولوجيا، ويعتبر الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المختلفة، بما في ذلك روبوتات الدردشة الشخصية، من الأدوات التي تُقدَّم كصديق افتراضي لمساعدة الأشخاص في مواقف متعددة من حياتهم.

منذ أيام قرأت في مجلة «هارفارد غازيت» بتاريخ 5-12-2023 عن مؤتمر الذكاء الاصطناعي والديمقراطية، الذي استضاف خبراء من الحكومة والجامعات والقطاع الخاص، أعربت فيه البروفيسورة شيري توركلي من معهد MIT للتكنولوجيا عن قلقها بشأن الآثار السلبية المحتملة لتلك التطبيقات التي تهدف إلى تقديم «الرفيق الافتراضي» كحل للوحدة والانعزال.

وفي حديث للمجلة صرّحت توركلي بأننا في الحاضر «قد أصبحنا نتوقع المزيد من التكنولوجيا والأقل من التواصل البشري»، وتابعت أنه في الأعوام الأخيرة، غيّرت وسائل التواصل الاجتماعي طبيعة التفاعلات الإنسانية، وهي الآن تُسهم في العزلة. ومع ظهور التطبيقات الشخصية للدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تحذّر توركلي من أن هذا النوع من البرمجيات قد يؤدي إلى تأثير سلبي على القدرات العاطفية للأشخاص وعلى قيم الديمقراطية. وأضافت: «أصبحنا نفضّل التواصل من خلال الشاشات. وجدنا متعة في الصحبة من دون الالتزام بالصداقة، والشعور بالحميمية من دون الالتزام بالتبادل، تعوّدنا التعامل مع أشخاص افتراضيين (حيوانات أحياناً) كأنهم أصدقاء حقيقيون».

وكانت توركلي قد تطرقت في أبحاثها إلى تأثيرات التكنولوجيا المتنقلة، وشبكات التواصل الاجتماعي، والشركاء الرقميين مثل Aibo (كلب آلي) وParo (فقمة بحر آلية)، وآخر روبوتات الدردشة عبر الإنترنت مثل Replika الرفيق الذكي الذي يهتم بأصدقائه من البشر.

وأبدت توركلي قلقها المتزايد بشأن آثار تطبيقات «الحميمية الافتراضية» و«العلاج للوحدة». فبرامج الدردشة تعِد الأفراد بالتعاطف، لكنها تقدّم «تعاطفاً مزيفاً».

وختمت توركلي حديثها بأن التطبيقات الرقمية هذه تُصنَع لتوفير الصداقة من دون تحمّل التحديات والمطالب الطبيعية للعلاقات الإنسانية «فعندما يقضي الأشخاص ساعات طويلة أمام الشاشة في عزلة عن الآخرين، يمكن تحريضهم ليكونوا أكثر عدائية تجاه من يختلفون معهم، مما يؤثّر سلباً في تنمية المهارات الحوارية التي تغذّي التفاعل والقدرة على الاستماع والتسامح مع من يختلفون معهم».

باحث زائر في جامعة هارفارد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر