الفارس الشهم

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

ليس للشهامة العربية والنخوة الأبيَّة حدود، ولا تُعرف إلا في المواقف الحرجة، وهو ما عرفه العالم في دولة الإمارات العربية المتحدة دائماً، لاسيما في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها الشعب الفلسطيني الأبيِّ الذي يتعرض لإبادة ممنهجة وتنقلها الكاميرات فيراها العالم، فلا يجد ناصراً ولا معيناً غير من كانت لديه هذه الشهامة الأصيلة التي عبّر عنها برنامج الفارس الشهم، الذي ينتقل إلى كل بلد يسمع فيه هَيْعة ليقوم بواجب الإغاثة الإنسانية، وها هو في هبَّته الثالثة قد هب لإغاثة الشعب الفلسطيني عبر جسره الجوي الذي بلغ تعداده إلى اليوم عشرات طائرات الشحن التي تحمل ما لا يحصى من الإغاثة المعيشية والطبية لهذا الشعب المنكوب، فضلاً عن مستشفى ميداني داخل قطاع غزة المنكوب؛ لمعالجة الجرحى والمرضى الذين نقلوا من المستشفيات المدمرة إلى هذا المستشفى المجهز بأحسن التجهيزات العلاجية وطاقمه الطبي المبارك، ثم لم يكتف بذلك حتى وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بعلاج ألف طفل من الجرحى أو مرضى السرطان من قطاع غزة، برفقة عائلاتهم، ليحظوا بالرعاية الطبية والإنسانية على ثرى هذا البلد المبارك المعطاء.

إن هذه المبادرات العظيمة التي تقدمها القيادة الرشيدة وشعب الإمارات ومن أَسْهم معنا من الجاليات لهي خير دليل على أن الشهامة العربية واستشعار الأخوة الإسلامية والإنسانية هي التي تحرك الضمير للوقوف مع المنكوبين فتضمد جراحاتهم، وتخفف من وطأة البلاء عليهم، ومثل هذا الفعل يتعين أن يكتب بأحرف من نور، وأن يبقى حاضراً في أذهان الأجيال الحاضرة والمستقبلة، حتى يكون حافزاً للجميع على المسارعة للنجدة في مثل هذه المواقف الحرجة، وحتى يذكر المحسن بإحسانه فيشكر على ما يقدم، وذلك من شكر الله تعالى، ويشكر القيادة الرشيدة على العمل المبارك الذي هو ذُخرٌ لها عند ربها سبحانه وتعالى.

وليس هذا العطاء المتدفق بأكثر نفعاً من الموقف السياسي المشرف الذي تجاهد فيه الدولة جهاداً كبيراً في المحافل الدولية للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، والمطالبة بإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة بإقامة دولته على أرضه واستقلاله بنفسه؛ فإن هذا هو الهدف الأسمى الذي ضحى هذا الشعب من أجله طيلة العقود السبعة الماضية بالكثير من أبنائه ومقدراته، وها هي قد حركت الضمير العالمي الذي يتضاعف تعاطفه مع الشعب الفلسطيني يوماً بعد يوم، ببركة هذه المواقف المشرفة، ولما يراه العالم من همجية متوحشة من قبل جنود الاحتلال. ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر