الجودة التزام ثقافي وليست مجرد معايير

الدكتور علاء جراد

احتفل العالم هذا الشهر بالأسبوع العالمي للجودة، فماذا تعني الجودة؟ إن الجودة تعني أشياء مختلفة لكل شخص ولكل مؤسسة، إن الجودة هي أكثر من مجرد مواصفات أو معايير أو جوائز، فهي توجه وأسلوب تفكير وأسلوب حياة، يجب أن يتخلل جوانب حياتنا، ويشكل تجاربنا وعلاقاتنا وإنجازاتنا. في حين أن كثيرين يربطون الجودة بالمعايير والمواصفات، فإن أهميتها الحقيقية تكمن في تأسيس ونشر ثقافة التميز والتحسين المستمر.

إن الجودة في جوهرها هي انعكاس للقيم التي نتمسك بها، فهي ليست مجرد مجموعة من المعايير أو المستندات، بل هي ثقافة تغرس في كل عمل وقرار، حيث الالتزام بالتميز هو النهج. ويعني هذا النهج الثقافي للجودة تجاوز الحد الأدنى من المتطلبات، وتبنّي عقلية تسعى إلى التميز والإتقان، ليس كغاية، بل كرحلة مستمرة من السعي الدؤوب.

إن ثقافة الجودة تمتد إلى ما هو أبعد من المنتجات والخدمات إلى عالم التفاعلات والعلاقات البشرية، ففي علاقاتنا تتجلى أهمية الجودة في الثقة التي نبنيها، والتواصل الذي نحافظ عليه، والدعم الذي نقدمه. إن الالتزام بالعلاقات الجيدة يعني استثمار الوقت والجهد لفهم وتقدير ورفع مستوى الخدمة وإسعاد من حولنا، إن هذا المفهوم ينطوي على الاستماع النشط والتعاطف والجهد المستمر لتحسين جودة اتصالاتنا، وما نقدمه من خدمات. ولتعزيز ثقافة الجودة من الضروري أن ندرك أنها ليست مفهوماً واحداً يناسب الجميع، حيث يمكن أن تتخذ الجودة أشكالاً مختلفة اعتماداً على السياق والقيم الفردية. لكن ما يظل ثابتاً هو التفاني في التحسين، والسعي لتحقيق التميز. ويصبح هذا الالتزام الثقافي بالجودة قوة دافعة للنمو الشخصي والجماعي والمؤسسي، ما يمهد الطريق للابتكار والتغيير الإيجابي.

ولكل المختصين في هذا المجال، لنجعل رسالتنا هي «الجودة التزام ثقافي»، حيث يؤثر هذا الالتزام في المنتجات والخدمات والعلاقات، ما يرتقي بجودة الحياة ككل. إن الجودة ليست نهاية الرحلة، بل هي الرحلة نفسها، فهي عملية مستمرة من التحسين والسعي نحو الأفضل، ومن خلال تبني ثقافة الجودة، فإننا نرتقي بخبراتنا، ونسهم في رفاهية الآخرين، ونمهد الطريق لمستقبل متميز ومشرق.

الدكتور علاء جراد

Garad@alaagarad.com

@Alaa_Garad

تويتر