هل تغير الصحة الإلكترونية مفهوم الطب التقليدي

محمد سالم آل علي

يوماً بعد يوم يُبشرنا العصر الرقمي بموجة جديدة من الابتكارات والاختراعات، ولم يبق إلا القليل جداً من القطاعات التي تكافح للنأي بنفسها عن رياح التغيير، فحتى الرعاية الصحية، وهي صناعة قديمة قدم الإنسانية نفسها، بدأت تستشعر التأثير الكبير للثورة التقنية على مختلف طرائقها وأساليبها، خصوصاً مع تزايد الطلب على الرعاية الأكثر كفاءة وفعالية، وما يرافقه من تصاعد كبير في استجابة مقدمي الخدمات الصحية؛ وقد أدى هذا المشهد المتغير إلى ظهور تساؤلات لها ما يبررها حول الاتجاهات التي ستتبعها الممارسات الطبية في العصر الحديث، لاسيما حول قدرة التحول الرقمي على رسم المشهد الختامي للطب التقليدي كما نعرفه اليوم.

ومن أجل الإبحار في هذا النقاش علينا أولاً أن نفرّق ما بين الاتجاهين، ولنبدأ أولاً بالطب التقليدي الذي يُشير إلى نظام الرعاية الصحية السائد، مثل المستشفيات والعيادات والممارسات الطبية التي يلجأ إليها معظم الناس للتشخيص والعلاج والرعاية المستمرة، حيث إنه نظام يستند أساساً إلى العنصر البشري من أطباء ومساعدين، وأيضاً من ممرضين ومخبريين وغيرهم من مختصين، وهو يرتكز على الدراسة والتدريب، بما في ذلك الممارسة القائمة على الأدلة والتجريب، مضافاً إليها البنية التحتية لمؤسسات الرعاية الصحية؛ أما الصحة الإلكترونية التي نتحدث عنها اليوم فهي دمج للممارسة الطبية مع الحلول الرقمية في سبيل مداواة أكثر سهولة وفعالية، وهي تستفيد من الانتشار الكبير للأجهزة والتقنيات المتقدمة في حياتنا اليومية، وتوظفها في عملية الأتمتة الشاملة لمختلف جوانب الرعاية الصحية.

وللأمانة أقول إن الصحة الإلكترونية تقدم آفاقاً للتقارب والتكامل، وليس للتنافس والتصادم، فهي ليست تهديداً قادماً للعيادات والمستشفيات التقليدية بقدر ما هي تعزيز ودعم، فالصحة الإلكترونية تكسر الحواجز، وتمكّن المرضى من استشارة الأطباء عن بعد، ما يجعل مواعيد المتابعة أو الاستشارات المتخصصة أكثر ملاءمة وتقليلاً للأعباء الإدارية؛ فالتطبيب عن بعد جوهر الصحة الإلكترونية.

ومن هنا، فإنني أرى أن مستقبل الرعاية الصحية واضح وجلي، وهو نموذج مختلط تندمج فيه أدوات الصحة الإلكترونية بسلاسة مع أنسجة الطب التقليدي، ما يعزز انتشاره وفعاليته في ظل عصر جديد تهيمن عليه الأرقام.

مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر