التراحم والتلاحم

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

أطلقت الدولة - رعاها الله وحفظ قادتها المباركين الوثابين للمعالي وفعل الخير- حملةً لإغاثة الأشقاء الفلسطينيين المتأثرين من الحرب في قطاع عزة، تحت شعار «تراحم من أجل غزة»، غزة التي تفترسها آلة الدمار الإسرائيلية، فتحرق الأخضر واليابس والبشر والحجر، بما يعد إبادة جماعية للأبرياء، هؤلاء الأبرياء الذين يعيشون في ديارهم وأرضهم المنهوبة والمغصوبة، وليس لهم وطن بديل، ولا يقبلون التحويل، وها هم يتلقون الضربات الموجعة على مرأى ومسمع من العالم كله، وزاد الأمر شدة وبؤساً قطعُ الإمدادات عنهم من الغذاء والدواء والماء والكهرباء، ليموتوا على فرشهم، إن سلموا من حرق أجسادهم بالحديد والنار، فهؤلاء المظلومون من لهم ناصر غير الله تعالى؟! ومن لهم مغيث غير إخوان الإسلام والعروبة؟! فإن لم يغيثوهم فإنهم لا محالة بائرون، وإلى ربهم مشتكون.

وها هي دولتنا المباركة تسابق الزمن بإيصال الخير إليهم مادياً وإغاثياً، فلم تكتف بالمبالغ الضخمة التي قدمها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة، حفظه الله تعالى، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بل دعت الشعب كله، ومن يقيم على أرض الدولة، أن يهبوا لإغاثة إخوانهم المسلمين في غزة بحملة سميت «تراحم من أجل غزة»، وتهدف لإقامة مراكز لتجميع وتعبئة حُزم الإغاثة الإنسانية، بمشاركة المؤسسات الإنسانية والخيرية ومراكز التطوع، والقطاع الخاص، وكافّة أطياف المجتمع في الدولة، ووسائل الإعلام.

هذا التراحم الذي هو دعوة الإسلام للمسلمين أن يتراحموا، ففي الحديث: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»، وفي حديث آخر: «من لا يرحم لا يُرحم»، وفي حديث آخر: «لا يرحم الله من لا يرحم الناس»، فهي دعوة إيمانية وإنسانية وأخلاقية، نهجت عليها القيادة الرشيدة والشعب الكريم، فلا تكاد تحدث قارعة في دولة قريبة أو بعيدة شقيقة أو صديقة إلا كانت الدولة أول المبادرين لإغاثتها، فالجسور الجوية التي تتواصل إلى أفغانستان لإغاثتهم من الزلازل، وإلى ليبيا، وقبلها المغرب وتركيا وسورية والسودان، كلها شاهدة على هذه النخوة الأبِيَّة من القيادة الرشيدة التي تبادر إلى الإغاثة من غير طلب، ولا ترجو جزاء ولا شكوراً إلا من الله تعالى الغني الحميد سبحانه. فينبغي لكل من لديه قدرة على المبادرة في تقديم شيء من أنواع الإغاثات أن يبادر بما يستطيع، ليكون قد أسهم في نصرة المظلومين وإغاثة المنكوبين، والله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملاً: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾.

بارك الله في القيادة الرشيدة، ورفع الظلم عن المظلومين.

كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر