أشكوني إليك

أمل المنشاوي

أنا تلك التي قطعت وعوداً على طول الطريق ولم تزل تتحجج، تلك التي عزمت على شدّ الرحال إليك مرات ومرات، ولم تصدق الوعد ولم ترتحل.

أنا تلك التي تُضيّع من العمر الكثير على قصر أيامه ولم تزل تتأمل.. تلك التي تلهث خلف أشياء حتماً سيأتي موعد لتركها، ولم تزل تتجمل.

أنا أحاول كل صباح صنع يوم مختلف، أدنو فيه من سجاياك، وأعتذر وأخط فوق صفحته طيب الكلام وأمنيات بأن لكل اعوجاج مشيئة من المولى، يقوم بها ويعتدل.

أنا أضعف كثيراً كلما نادتني دنياي وأنسى كم أضاء نورها وبهاؤها، وكم تكرر غدرها وكم تجهّم وجهها وتبدل.

أنا ما زلت على كثرة التجارب أغضب وأنزعج لحوادث الأيام على الرغم من سرعة مرورها، وأحزن لفوات ما أتصور ألا حياة بدونه تحلو وتكتمل.

أنا ما زلت أركض داخل عقلي الذي لا يهدأ وأطارد الأحلام والأوهام كل ليلة، وما زلت رغم سني عمري أغفل.

أنا رغم علمي بزوالها، أحب الحياة بكل ما فيها من تعب، وأهادن نفسي كلما شعرت بذلك الملل والإرهاق والوجع الذي لا يُحتمل.

أنا يا رسول الله أشكوني إليك، فقد كثرت ذنوبي وثقلت، وألوذ بالقلب الرحيم وأرجو الشفاعة وورود حوضك يا سيدي يوم اللقاء.

أنا يا رسول الله أشكوني إليك، فكم أحاول الخلاص من الهوى ووساوس النفس التي تبغي المزيد والمزيد، والتجأ إلى الملك القدير وجواره.. أتذلل.

أنا يا رسول الله تدهشني كيف كانت سيرتك وسريرتك التي قلت بها في عز مجدك «أنتم الطلقاء» لأولئك القوم الذين أخرجوك ذات يوم وحاربوك بشتى الحيل.

أنا يا رسول الله أشكوني إليك، لأنني ما زلت لا أعرف كيف أعفو أو أسامح أو أنسى إساءة من أساؤوا، ما زلت أتمسح بذلك الطيب في أخلاقك، لكنني دونها بمسافات طوال وما زلت أتعلل.

أنا يا رسول الله أشكوني إليك، في ذكرى مولدك، فصلني واشفع لقلب أعيته الحياة، فكم من الرحمات والألطاف - بفضل وصلك وشفاعتك - تتنزل.

أنا يا رسول الله أشكوني إليك، فقل لي بربك هل لشكواي من طريق موصل.

amalalmenshawi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر