الاستثمار المستدام

محمد سالم آل علي

يوماً بعد يوم تزداد التحديات البيئية، وتتصاعد معها المخاوف والتكهنات، فمن تغير المناخ إلى تناقص الموارد، ومن التدهور البيئي الملحوظ إلى الكوارث المناخية التي أضحت تلقي بظلالها الثقيلة في كل مكان تقريباً، وغير ذلك من عوامل ومُسببات تُبرز جميعها أهمية الحلول المستدامة، باعتبارها الملاذ الوحيد الذي سيحمينا من وطأة القادمات، وما تحمله معها من عقبات ومفاجآت، فالاستدامة هي حجر الزاوية الصلب الذي سيستند إليه يومنا وغدُنا ومستقبل كل من سيأتي من بعدنا، وما نحتاج إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى هو تبني تلك الممارسات المسؤولة، وتطبيقها على عالم الاستثمار، هذا العالم الذي كان ولايزال يمثل القوة الدافعة وراء كل نمو وتطور؛ ولا يغيب عن الذهن هنا أن الاستثمار، ومن أجل أن يمضي قدماً في تأدية رسالته الاقتصادية بشكل سليم وفعال، لابد له من أن يتشابك مع النظم البيئية والاجتماعية التي تحتضنه، ليكون بمثابة المنارة التي ترشد الجميع إلى مستقبل مشرق يسير فيه النمو المالي جنباً إلى جنب مع الاستدامة بجميع جوانبها البيئية والمجتمعية.

ومن أجل توضيح المقصود، وبيان المرامي، لابد أولاً من تعريف مفهوم الاستثمار المستدام، وإيضاح مفرداته، وهو هنا توجيه الاستثمارات المالية نحو المؤسسات والمشاريع التي تلتزم الأثر البيئي والمجتمعي الإيجابي، جنباً إلى جنب مع تأسيس ودعم المشاريع والشركات الجديدة التي تتبع نهجاً شمولياً يضع البيئة فوق كل اعتبار، أي نهجاً مسؤولاً يربط ما بين الأهداف المالية من جهة، وضرورات الحفاظ على البيئة وسلامة المجتمع من جهة أخرى.

ولابد لي من التأكيد هنا على أن الاستثمار في المبادرات والمشاريع المستدامة ليس مرادفاً لتناقص العائدات وزوال الربحية، بل إنه على العكس يمكن أن يقدم عوائد تنافسية تفوق بكثير غيره من الاستثمارات، هذا إذا لم نضف إلى ذلك أثره المستقبلي الإيجابي الذي لا يُقدّر بثمن؛ فعلى سبيل المثال، يشير تقرير صادر عن «التحالف العالمي للاستثمار المستدام» إلى أن أصول الاستثمار المستدام على مستوى العالم وصلت إلى 35.3 تريليون دولار عام 2020، ما يعكس الاعتراف المتزايد بالإمكانات الاقتصادية الكامنة في المشاريع المستدامة؛ تضاف إلى ذلك المساعي التي تقوم بها منظمة الأمم المتحدة في سبيل تمويل خطة التنمية المستدامة لعام 2030، حيث قامت بتأسيس «التحالف العالمي للمستثمرين من أجل التنمية المستدامة»، بهدف توجيه الأموال من القطاع الخاص، وتوظيفها في تمويل أهداف التنمية المستدامة.

مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر