أنا معهم

أمل المنشاوي

هؤلاء الذين تشعّ وجهوهم أملاً وتفاؤلاً وبشراً، الذين يعرفون أن قدرهم مواصلة السير مهما تعثرت أقدامهم، أنا معهم.

هؤلاء الذين تتجدد أيامهم وأحلامهم بالسعي والصبر، الذين يصرون على ترك أثر في الحياة قبل العبور، أنا معهم.

هؤلاء الذين لا يهابون السقوط، ويقفون بعد كل كبوة أقوياء يجففون الدمع والعرق ويحاولون من جديد، أنا معهم.

هؤلاء الذين يترفعون عن الصغائر والضغائن، ويتغافلون لإبقاء الود ولا ينتظرون شكراً على واجب، أنا معهم.

هؤلاء الذين يعشقون حد الجنون، ويخلصون حتى الممات، ويرحلون بلا ندم أو عتاب وقت الخيانة والخذلان، أنا معهم.

هؤلاء الذين يعتدّون بأنفسهم وبجذورهم بلا تكبر أو خيلاء، حديثهم أُنس وحضورهم ألق وعطرهم في أخلاقهم، أنا معهم.

هؤلاء الذين يرخون أياديهم بالعطاء، ويحبون الخير لغيرهم ويؤمنون أن قسمة الأرزاق عادلة لعموم الخلق، أنا معهم.

هؤلاء الذين تتفتح زهورهم بكلمة، ويهدأ غضبهم بكلمة وتخفق قلوبهم بكلمة، وتسعد أرواحهم بكلمة، أنا معهم.

هؤلاء الذين يخفون الألم بالصمت، ويدفنون أحزانهم وسط ظلام الليل، ويوقدون مصابيح الرجاء والدعاء حتى الفجر، أنا معهم.

هؤلاء الذين يقولون ألف «لا» في وجه الغدر ومحاولات انتقاص القدر، ويجيدون فهم العيون وما بها من حب أو كره، أنا معهم.

هؤلاء الذين لا يجدون بطولة في إيذاء غيرهم أو نكأ جراحهم أو الوشاية بهم، أنا معهم.

تُعلمنا الحياة على طول الطريق دروسها، بالمنع والمنح، والدموع والضحكات، لندرك في لحظة فارقة، أن سمونا ورفعة شأننا وسعادتنا تأتي بقدر التزامنا نحو قوانينها الإلهية بعنوانها الأكبر «خير بخير وشر بمثله».

تسمح لنا، ذات الحياة، بالانحراف عن جادة طريقها، وتضحك خلف ظهورنا بقدر حماقاتنا، كمن خبر تجارب من سبقنا، وأدرك حتمية عودتنا كطفل نادم على العصيان.

تقف الحياة في صف من يقف صفها وتنصف من يزرع الخير على أرضها وتتوعد المارقين بالنهايات المؤلمة مهما طال طغيانهم.

أما أعظم عطاياها فذلك الإحساس بالسلام والرضا عن النفس في نهاية كل يوم يمر بنا بخير، لم نؤذ أحداً، ولم نتجاوز ولم نخن أو نخذل أحداً.

كثيرة هي السجايا والصفات الحميدة التي تضعها الحياة في طريقنا، وتترك لنا ترف الاختيار في البداية ثم تطبق حلقاتها بعد فوات الأوان.

أخبروا أنفسكم كل صباح أنكم في صف الحياة وخيرها، وبجانب ذوي النفوس السوية والأخلاق السامية والهمم العالية، ودائماً معهم.

amalalmenshawi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر