المرأة الإماراتية الراقية

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

الراقون في هذه الحياة كثيرون، وعلى قائمة الراقين الكبار المرأة التي تتحلى بالقيم الكريمة، وأهمُّها دينها، وأخلاقها، ووطنيتها، واعتزازها برسالتها الأنوثية لتكون أماً راقية، مربية لأنجالها على المُثل العليا؛ من طاعة لربه، وبِرٍّ بوالديه، واعتزاز بدينه، ووفاء لقيادته ووطنه، ومحبة لغيره، وتفانٍ في عمله، ومساهمة في مصالح مجتمعه، وغير ذلك مما يتنافس فيه الأخيار ويتميزون به.

وعلى رأس قائمة هؤلاء الراقيات في عصرنا ووطننا العزيز أم الإمارات المباركة «فاطمة بنت مبارك» عقيلة المرحوم المبارك مؤسس الدولة وباني نهضتها، وغارس قِيمها الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، وأم الرجال المباركين الشيوخ الأخيار الساهرين على مصالح الوطن والمواطن، المعززين لنهضة والدهم المرحوم، الرافعين لمجد الشعب في كل محفل ومكان وزمان.

هذه الأم المباركة الراقية التي تنهض بأعباء المرأة الإماراتية لتكون كل امرأة على مشربها العذب؛ رُقِياًّ في الأخلاق، وتمسكاً بالقيم، وتفانياً في التربية للنشء، ومخلصة في الواجب الأسري، ومساهِمة مساهَمة فاعلة في بناء الوطن ورقيه في كل ميادين العمل.

إن المرأة الراقية هي التي تعرف أنها شقيقة الرجل لا تقل عنه في الواجبات والحقوق، فتُسهم معه في ما يسند إليها من مهام، مع واجب أكبر، وعمل أعظم وأهم، وهو تنشئة جيل على القِيم العليا التي ينتسب إليها دينيّاً، ووطنياً، ومجتمعياً، حيث لا يقدر على هذه المهمة أحدٌ غيرُها، ولا يحسن العطاء في هذا الجانب سواها.

إن المرأة الراقية هي التي تخصصت في العلم فأبدعت، وأنجبت الأجيال فأحسنت، هي التي عرفت واجبها نحو ناشئتها فأدته أحسن أداء؛ غذَّت فيه روح التسامح، وغرست فيه مكارم الأخلاق، وأسعدته بطيب النفس ليعيش سعيداً مع مجتمعه، محباً لغيره، مساهماً في فعل الخير، متجنباً لكل المساوئ الخُلُقية التي يراها في غيره، مستشعراً أنه جزءٌ من الوطن، وأحد عمال بنائه وإسعاده.

هذه المرأة هي التي تكرمها أم الإمارات وتحتفي بها، ويحتفي بها الشعب من حولها، هي التي يؤمَّل منها أن تسهم إسهاماً مباركاً في حاضر الوطن ومستقبله، وهي التي مجَّدها الإسلام وأعطاها من الحقوق كأخيها الرجل {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وأكرمها إن عملت صالحاً كما أكرم الرجل {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

هذه المرأة التي أسهمت في مجد الإسلام وعِزته كما أسهم أخوها الرجل، وهي التي يصدق عليها قول الشاعر:

ولو أنَّ النساء كما عرفنا   *   لفُضِّلت النساءُ على الرجال

هي التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مهتماً بها حتى وهو في أواخر حياته فيقول: «استوصوا بالنساء خيراً، فإنهنَّ عندكم عوانٍ، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة».

المرأة الراقية هي التي ترى أن سعادة أبنائها سعادةٌ لها، فتغرس السعادة فيهم بتصفية قلوبهم من الأنانية، وتغرس في أفئدتهم حب الغير فضلاً عن الأقارب الذين هم لحمة أبنائها وبناتها، فلا تعكر صفو حياتهم بالبغضاء والشحناء، فإنها إن فعلت ذلك تكون أكبر جانيةٍ عليهم بتكدير حياتهم، وتنغيص عيشهم، وتعاسة دهرهم، فتبوء بإثمهم، ولعلهم يدركون عند كبرهم عِظم الجناية عليهم يوم لا يجدون وفِياً، ولا صديقاً حميماً.

هذه المرأة الراقية التي تنشدها أم الإمارات - أدام الله عزها وبارك في عمرها - لتكون أثراً من آثارها في الأمة، وتسرُّها بما تعقب من ذرية صالحة تكون حسنة والديهم، وعاملة لهم في دار برزخهم، ثم يكونون معهم في جنات عرضها السموات والأرض كما قال ربنا جل شأنه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}

دمت أيتها الأم الراقية سعيدةً عزيزةً مباركة.

• المرأة الراقية هي التي ترى أن سعادة أبنائها سعادة لها، فتغرس السعادة فيهم بتصفية قلوبهم من الأنانية، وتغرس في أفئدتهم حب الغير.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر