يوميات في العمل الخيري (19)

إلى العاملين في الحقل الخيري

الدكتور هشام الزهراني

العاملون في الحقل الخيري يستحقون كل التقدير والشكر، ولهم الحق في أن نسعدهم نظير إسعادهم الآخرين من المحتاجين، وأن نشجعهم بذكر المبشرات التي تشحذ هممهم لبذل المزيد في الحقل الخيري، فهم على باب مهم يسدون الحاجة ويعينون الملهوف.

وقد يخالج النفس أن تترك هذا المضمار لتبحث عن فرص أخرى في مجالات مختلفة من أجل تحسين الوضع المادي، وقبل أن تتخذ ذلك القرار أدعوك لقراءة هذا المقال، فلعلك تعيد حساباتك وتراجع نفسك بشكل أكثر دقة.

الأمر الأول: العاملون في السلك الخيري إذا احتسبوا الأجر فإنهم سيجمعون بين الراتب الدنيوي والأجر الأخروي في آن واحد، فخروجك في الصباح الباكر وحتى عودتك إلى سكنك فأنت في عبادة وخير، وكفى بها فضلاً ومنقبة لهذا العمل الجليل، والوظائف التي تتمتع بهذه الخاصية قليلة عزيزة.

الأمر الثاني: أذكر لك حديثاً للنبي صلى الله عليه وسلم هو من أحب الأحاديث إلى قلبي، وهو قوله: «الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أُمِر به كاملاً موَفَّراً طيباً به نفسه، فيدفعه إلى الذي أُمر له به؛ أحد المتصدقَين». انتبه للكلمة الأخيرة فهي بفتح القاف مثنى متصدق.

فليتأمل الموظف العامل في الجمعيات الخيرية الفضل الكبير الذي يحوزه، فأنت كالمتصدق في الأجر، بشرطين هما: أن توصل التبرع والمال إلى الغرض الذي أراده المتصدق الأول، والثاني أن تكون نفسك منشرحة بهذا البذل والعطاء، لا تحدث نفسك بأنك أولى من ذلك الآخذ أو تحسده على ما وصل إليه من المبلغ، أو تمُنَّ عليه وتؤذيه به، فأنت في هذه الحالة كمن تصدق مع المتصدقين، فمن يوصل مبلغ بناء مسجد إلى جهته فهو كمن بنى ذلك المسجد، ومن منح الأيتام أموال المحسنين فهو كمن تصدق على الأيتام، وانظر وعُدَّ المبالغ التي تصرفها الجمعيات الخيرية وتتجاوز عشرات الملايين في الشهر الواحد، فأنت كمن تصدقت بهذه المبالغ عن كل متبرع وأنت قد لا تملك عُشر معشارها.

فالله تعالى ساق إليك الخير من بين الكثير، واختيار الله لك لأن تفوز بهذا الأمر اصطفاء خاص منه، فلا تتخلّ عن هذا الأمر بمحض اختيارك فقد لا يُفتح لك هذا الباب مجدداً.

فهذه بعض الفوائد وما خفي أعظم، وكرم الله أكبر، وما أردت إلا أن أبيّن لك الجوهرة الثمينة التي تملكها، فاحرص ولا تفرط فيها.

• العاملون في الحقل الخيري يستحقون كل التقدير والشكر، ولهم الحق في أن نسعدهم نظير إسعادهم الآخرين من المحتاجين.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر