قفوا صفَّهم

أمل المنشاوي

تتفتح ورودهم بين ليلة وضحاها، يشتد عودهم سريعاً بينما نحن نلهث خلف تفاصيل الأيام المتشابهة والواجبات التي لا تنتهي، تتشكل أفكارهم من عالم يفتح نوافذه على كل الأشياء وضدها في اللحظة والآن، ونظن أنهم باتوا قادرين على أشواك الطريق.

يخفون خلف العناد ألف ضعف وألف خوف، ويمنعهم الكبرياء من البكاء رغم انكسار أرواحهم وأوجاع قلوبهم، ويبحثون في عيوننا عن نظرة عطف وشفقة واحتواء ليتأكدوا من حبنا لهم مهما تكررت الأخطاء.

يرفضون الإهانة والتقليل من شأنهم، ويتشاجرون مع غيرهم - إن لزم الأمر - اعتماداً على ما غرسناه في نفوسهم من عدم قبول الظلم والضيم أو ممارسته على أحد، ويفضلوننا على العالم حد الاكتفاء.

ينتظرون دوماً ذراعنا المفتوحة بحجم الكون، وعطاءنا غير المشروط ودعمنا في كل وقت وإن أساءوا التقدير أو الاختيار، ويشتاقون إلى أحضاننا وكلماتنا الحانية ليذرفوا الدمع السخين بلا خجل أو حياء.

يستندون على وجودنا خلف ظهورهم ويطمئنون لاهتمامنا بالاستماع لقصصهم وحكيهم، ويثقون بأنفسهم ويعرفون أنهم يملكون بنا جذوراً قوية في وجه الرياح العاتية.

يسعدون إن شاركناهم الوقت والأغنيات الجديدة وسهر العطلات والضحك على العبارات التافهة والنكات السخيفة والقفشات التي تتجاوز أحياناً حد اللياقة والكياسة مع الأقارب والأصدقاء.

تتأرجح أحلامهم ما بين سهولة الخيال وبهجة ألوانه على مدار سني صباهم، وبين قسوة الواقع الذي ينتظرهم بعد أن أكملوا مسارهم الجامعي وبات عليهم إيجاد موضع لأقدامهم في الحياة العملية.

هم صورنا وملامحنا وامتدادنا للمستقبل، بناتنا وأبناؤنا الذين لا يعرفون أين تسير بهم الأيام وينتظرون أن تمنحهم الأقدار فرصة أو تفتح لهم باباً للعمل والنجاح، يحتاجون أن ندعمهم حتى تستقر أحوالهم ويكتسبوا الخبرات والمهارات.

نخطئ كثيراً حين نظن أننا أكملنا دورنا كاملاً بتخرجهم في الجامعة، أو إكمال دراستهم، فمازالت عقولهم وقدرتهم على التحمل والجلد غضة لم تنضج بعد، مازالوا عرضة للأخطاء والعثرات والصدمات، وعلينا دور آخر أكثر أهمية من أدوارنا السابقة معهم قبل أن نطلق أجنحتهم للريح أو نطمئن لإبحار سفينتهم بسلام.

قفوا صف أبنائكم بكل ما أوتيتم من قوة وقووا عودهم، وقدموا لهم كل حبكم ودعمكم المادي والمعنوي، وانقلوا لهم خبراتكم، واحكوا عن تجاربكم والدروس التي تعلمتموها والأخطاء التي دفعتم ثمنها، وأفهموهم اختلافات البشر من حولهم، وعلموهم كيف يتحدثون مع زملائهم ومديريهم، وكيف يترفعون عن أذية غيرهم، وأن يكونوا مميزين مجتهدين مخلصين لعملهم ووطنهم حتى يشتد عودهم في العمل وتنضج أفكارهم وأساليبهم، ويصبحوا قادرين على تحمل الأعباء.. قفوا صف أبنائكم مهما رفضوا ذلك، ولا تتخلوا عنهم مهما كانت الأخطاء.

• قدموا لهم كل حبكم ودعمكم المادي والمعنوي، وانقلوا لهم خبراتهم، واحكوا عن تجاربكم والدروس التي تعلمتموها والأخطاء التي دفعتم ثمنها.

amalalmenshawi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر