انعدام اليقين

عبدالله القمزي

جُبل البشر على الخوف من المجهول؛ لهذا السبب فإن انعدام اليقين سواء على المستوى الكلي الذي يمس العالم، مثل أزمة سياسية أو صحية أو اقتصادية، أو على المستوى الشخصي مثل هل سأنال هذه الوظيفة، أو هل أخوض في هذا المشروع، أو هل أنا في المسار الوظيفي الصحيح.. يجعل أصحاب القرار على المستوى العالمي في حالة توتر دائم، ويجعل الشخص العادي مرهقاً نفسياً.

لكن هذا الشعور بالخوف أو عدم اليقين يصد الناس عن حقيقة مهمة: انعدام اليقين والإمكانية هما وجهان لعملة واحدة، فلماذا لا تفكر في إنجازاتك التي تجعلك فخوراً بها والتي غيرت حياتك؟ أو العلاقات التي غيرت مجرى حياتك؟

حتى وأنت على مشارف الزواج، فإنك تشعر بانعدام اليقين رغم أنه مناسبة سعيدة، لأن حياتك ستنقلب رأساً على عقب، وستبدأ بتحمل مسؤوليات لم تعتد عليها، ثم يزول الشعور بمجرد أن تقطف حصاد قرارك الذي غير حياتك. كل هذا يحدث عندما نتجاوز مرحلة انعدام اليقين وتنفتح أمامنا السبل.

ولعل روزا باركس هي المثال الكلاسيكي الأشهر في قلب انعدام اليقين إلى فرصة، فعندما رفضت النهوض من مقعدها المخصص للبيض في الحافلة في مونتغومري اشتعلت التظاهرات التي أدت إلى إلغاء الفصل العنصري بين البيض والسود في الولايات المتحدة.

ومثال أحدث: هل توقع أحد نجاح إيلون ماسك وفريقه في اختراع «تيسلا»، ودفع العالم باتجاه استخدام الطاقة النظيفة؟ لم يكونوا لينجحوا لو ركنوا لانعدام اليقين.

فكيف نتغلب على انعدام اليقين الذي يشل قدراتنا تماماً؟ معظم المخترعين والعباقرة مروا بهذه المرحلة قبل خروج اختراعاتهم إلى العلن. المفتاح هنا هو دفع أنفسنا بثقة إلى المجهول واقتناص الفرصة الموجودة في هذا المجهول.

أولاً: انظر إلى الموقف العام من زاوية أخرى

يتجنب معظم الناس المخاطر، فلو قلت لأحد إن حل مشكلة ممكن بطريقتين: الأولى فعالة بنسبة 95%، والثانية غير فعالة بنسبة 5%، فإن معظم الناس ستنظر إلى الطريقة الأولى رغم أن الطريقتين متطابقتان تماماً.

الهدف أن كل تغيير أو تحول أو تطور شخصي أو وظيفي يأتي بإيجابيات وسلبيات، لكننا نصر على النظر إلى السلبيات، ولو دربنا أنفسنا على النظر إلى الإيجابيات لتغير الوضع وانخفض الخوف، أو انعدام اليقين.

ثانياً: جهّز نفسك لمواجهة المخاطر

لا توجد تجربة جديدة دون مخاطر، ولكن تذكر أن هذه المخاطر هي ما يصقل مهاراتك ويجعلك قوياً ويزيد من خبرتك في الحياة، أما إذا كنت من المترددين فإنك ستظل متخبطاً في نفس الروتين اليومي ولن تتطور أبداً.

ثالثاً: اتخذ القرار

لا تُلقِ بنفسك في خضم أمواج لا تعرف السباحة فيها، ولكن تعلم السباحة في حوض قبل الذهاب إلى البحر. كل الخطوات الصغيرة تؤهلك بشكل نفسي وجسدي ممتاز قبل الخوض في التحدي الأكبر.

عبرة

تلقَّ الضربات وأنت واقف، لا بأس أن تنحني لتستجمع قواك، ولكن لا تقع أرضاً. طريقتك الوحيدة لتغيير مجرى حياتك هي اختراق هذا المجهول، فخلفه تقبع فرص قد لا تخطر على بالك.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

@abdulla_AlQemzi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر