ليس شرفاً

أمل المنشاوي

حين نغطي نواقصنا بتعرية الآخرين ونكء جراحهم والحط من قدرهم والخوض في أعراضهم وعيوبهم، ليس شرفاً.

حين نبتسم في الوجه ونتصنع الود ثم نطعن في الظهر بلا ضمير ولا وازع، ليس شرفاً.

حين نُضمر الشر ونستكثر على غيرنا الخير وندس أعيينا وأنوفنا في حياتهم على غير رغبتهم، ليس شرفاً.

حين نتصارع على ما لا نملك فيه حيلة ولا وسيلة، مال، زواج، أبناء، ونحاول انتزاع الأقدار وترتيب أمور ليس بوسعنا ترتيبها، ليس شرفاً.

حين لا نترفع عن الأذى ونحوك الدسائس لغيرنا ونوغر الصدور عليهم ونتشفى في أوجاعهم، ليس شرفاً.

حين نطرق الباب فلا يُفتح أو نُهاتف أحدهم فلا يرد، فنعاود الكرّة مرات ومرات دون احترام لأوقات الخصوصية، أو مناسبة الوقت أو الحالة النفسية، كل ذلك ليس شرفاً.

حين نفرض رأينا ونغضب حين يخالفنا غيرنا وجهة نظرنا، فنحولهم بعد الحب أعداء لنا، ليس شرفاً.

حين نتخطى المساحات التي صنعها غيرنا لحياتهم وبيوتهم ونفتش عن أسرارهم ونسأل في ما يسيء لهم، ليس شرفاً.

حين نتوقع الكثير ممن حولنا دون مراعاة لظروفهم أو تقلب أحوالهم ونعاتب ونلوم على تقصيرهم في حقنا، ليس شرفاً.

حين نستغل طيبة غيرنا وحسن تعاملهم معنا ونأخذ بسيف الحياء ما لا يحق لنا، ليس شرفاً.

حين نتخاذل عن مد يد العون لمن حولنا، وننكفئ على أنفسنا ونستأثر بالنعم ونمنعها عن غيرنا، ليس شرفاً.

حين لا نفزع لنصرة مظلوم أو مواساة مريض أو مبتلى، حين لا نمارس إنسانيتنا ونعطل ضميرنا ونستمرئ الوضاعة والنذالة، ليس شرفاً.

حين نُغرر بالآخرين ونخدعهم ونكذب عليهم دون أن يرف لنا جفن أو نشعر بالندم أو الخجل من أنفسنا، ليس شرفاً.

حين نضع غيرنا في حرج، أو ندمر سلامه النفسي أو نشعره بعدم التقدير، لمجرد حب الظهور والتفوق على غيرنا، ليس شرفاً. تُقسّم الحياة عطاياها وأرزاقها بميزان رب عادل، حرّم الظلم على نفسه قبل أن يحرمه بين العباد، وتمنحنا الحياة وتمنعنا ليتساوى الجميع في النهاية، لتبقى قيمتنا الحقيقية في ما نعطي لا في ما نأخذ ، ويوماً ما حتماً ستنتهي قصة كل منا على الأرض، فلنجعل لحياتنا قيمة ومعنى ونفكر قبل كل كلمة أو تصرف ونسأل أنفسنا: هل هذا شرف؟

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر