يوميات في العمل الخيري (12)

مواسم الخيرات

الدكتور هشام الزهراني

يشهد العمل الخيري حالة من المد والجز بحسب المواسم والأحداث، وإن شهر رمضان وموسم الأضاحي ليشهدان كثافة في حجم التبرعات في مختلف المشاريع الخيرية والمبادرات الإنسانية، وليس ذلك بغريب على معاشر المحسنين والمحسنات.

والأسوة لهم في ذلك نبينا ﷺ فقد كان في رمضان كالريح المرسلة في العطاء والجود، وقال عن العشر الأوائل من ذي الحجة: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر”.

فالإكثار من الطاعات في هذه الأيام اتباع لإرشاد المصطفى ﷺ، فلا ضير إن زاد من الطاعات في هذه المواسم عن سائر أيام السنة، ولا يقدح ذلك فيه.

وكذلك الجمعيات الخيرية تشهد حالة من الاستنفار في جميع قطاعاتها من أجل الإعداد للبرامج والتنسيق لها مع الجهات المعنية داخل الدولة وخارجها بهدف تقديم خدمة متميزة للمتبرعين والمتبرعات، إما بتسهيل عملية التبرع والحصول على المبالغ، أو بالتذكير المستمر ببعض المشاريع وخصوصا الواجبة منها كزكاة الفطر والمستحبة كالأضاحي شحذا للهمم.

وفي الجانب الآخر هي أيام تطيب فيه خواطر المساكين ويسعد فيه الفقراء بما يصلهم من مبالغ مالية أو مواد عينية كالطعام أو الكساء، فيشكرون المحسنين على إحسانهم ويحمدون الله تعالى على فضله وإنعامه.

والجمعيات الخيرية تحمل عبئا كبيرا عن كواهل المتبرعين في تنفيذ هذه المشاريع، فأدوار الجمعيات الخيرية واضحة جلية في هذه المواسم على جهة الخصوص، فلو أطلقنا عنان التفكير وتخيلنا عدم وجود هذه الجمعيات التي تنوب عن المحسنين في قضاء مشاريعهم الضرورية كزكاة الفطر والأضاحي فما هي المشاق التي سيتكبدها المحسن ليوصل عبوة الأرز مثلا إلى منزل مستحق لها؟ وكذلك ليقف في المقصب انتظار الفراغ من ذبح أضحيته ثم توزيعها على الفقراء، وكيف سيتحقق من المستحق من غيره..الخ تلك المسائل المهمة؟

فواجب الإنسان أن يقابل ما يُبذَل من تلك الجهود بالشكر والثناء بعيدا عن اللمز أو الانتقاص، فيكفي أنها تتحمل عنك ما تبرأ به ذمتك.

وفي الختام أذكر نفسي وإياكم إلى أهمية اغتنام هذه المواسم ففيها الخير والبركة، خاصة مع كثرة المشغلات عنها من صوارف الحياة الكثيرة، وأذكر أنني كنت في مقابلة تلفزيونية مع ثلاثة مذيعين في يوم العيد لأتحدث عن نشاط الجمعية في رمضان فذكرت عَرَضا زكاة الفطر فإذا بهم الثلاثة انتبهوا فجأة لهذه الشعيرة ولم يخرجوا زكاة فطرهم تلك السنة

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر