يوميات في العمل الخيري (8)

مفاتيح الخير

الدكتور هشام الزهراني

يكبر الطفل محمد يوماً بعد يوم، وهاهو يدخل عامه التاسع بأطراف سفلية فاقدة للإحساس لتليف الأعصاب.

وبدأت أطرافه بالالتواء مع نموه المستمر بما يعيق حركته التي تستند إلى يديه أيضاً، فيخشى أن يعجز عن الحركة بالكلية لصعوبته لاحقاً.

هرولت الأم تبحث لطفلها المتفوق دراسياً عن علاج لهذه التقوسات والتشوهات ، فقد عزّت نفس والده عن مخاطبة الجمعيات الخيرية ، فأنفَتُه تمنع تقاطر ماء الوجه قبل ماء العين.

ولكن الأمر سهل خفيف إذا كان من أم مكلومة، فهي أحن على فلذة كبدها بطبعها الفطري فلا غرابة في ذلك، وأحن على طلب المساعدة كذلك.

المبلغ كبير، فهي عملية جراحية معقدة، والغاية منها، تسهيل الحركة فكلما زاد عمره شق الأمر عليه.

طلب منها المحاولة في أكثر من جهة خيرية لتجمع المبلغ المطلوب، يسر الله أمرها، وقد تيسر لها ذلك فعلاً فالحمد لله .

وهنا أحب أن أوجه رسالة مهمة في بيان أن دور المؤسسات العلاجية وشركات الأدوية والمستشفيات مهم جداً في تحقيق الصحة والرفاه للفرد، فالجمعيات الخيرية وحدها تستوعب أعداداً كبيرة من الحالات والمراجعين، ولن تستطيع تلبية احتياجاتهم بمفردها، لكن بتكاتف جميع الجهات في تقديم مساهمات حقيقية من شأنها أن تنجز الكثير حيث إن اليد الواحدة لا تصفق.

فسلسلة النجاح والإنجاز بعد توفيق الله تعالى تبدأ من المُحسن وبعدها الجمعية الخيرية وتنتهي إلى المؤسسة العلاجية أو التعليمية أو أي جهة خدمية أخرى.

وقد لمست شخصياً من خلال تجربتي مع بعض المبادرات العلاجية المتوفرة في الدولة حجم التخفيف المالي الذي يتحقق للفرد أو الجمعيات الخيرية بتقديم أحد وكلاء الأدوية مبلغاً مناسباً في توفير علاج ضروري، وكم أسهم ذلك في استفادة جم غفير من المرضى وحصولهم على فرص العلاج بدلاً من تطور الحالة المرضية وزيادتها.

وهكذا فالمساهمات الخيرية الفاعلة لا تتوقف عند شركات الأدوية فحسب بل إن مجالها رحب واسع لجميع أنواع الشركات والمستشفيات والمؤسسات في الدولة لتغدو مفتاح خير لتفتح أبواب النجاح والإنجاز.

فنحمد الله تعالى أولاً على توفر العلاجات لأمراض كانت في القريب الفائت من الميؤوس منها، فبفضل الله تعالى ثم التقنيات الحديثة اكتشفت عقاقير وعلاجات ناجعة لأدواء كانت بعضها تودي بحياة الإنسان في سن مبكرة.

ونحمده ثانياً على توفر البرامج العلاجية التي خففت من كلفة هذه الأدوية على الناس.

ونحمده دائماً على نعمة الصحة والعافية وبالوقوف عند الأَسِّرة البيضاء ندرك عظيم ما نحن فيه من نعمة وكم تهون علينا مصائبنا حينما نشاهد معاناة الآخرين يسر الله أمرهم.

[طوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه. قاله نبيكم ]

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر