نحن الوافدين

أمل المنشاوي

أتينا لا نحمل سوى الأحلام وقلب يرجف خائفاً من المجهول، وحقائب قصص مخبأة وصور وحكايات لا يمكن قصها أو البوح بها.

أتينا ومعنا حصاد الذكريات وسنوات من عمر مضى، وصوت يطمئن قلقنا بأن قدومنا مؤقت وبقاءنا محسوب ولابد من يوم تعود فيه الطيور المهاجرة لأوطانها.

أتينا تملؤنا المخاوف من تغير الطقس واختلاف الطعام وفروقات الوقت، وإزعاج الجيران وضوضاء الشوارع ومشاعر الوحدة والاغتراب، وشكل الاحتفالات والمناسبات والأعياد وتغيرها عن عادتنا.

أتينا وحدنا بعد أن ودّعنا آباءنا وإخوتنا الصغار وأصدقاء العمر، وأماكن حفرنا صورها على جدار القلب كي تبقى بهية حية، تُشعرنا بالحياة ما امتدت حياتنا.

أتينا بأطفال صغار يبحثون في الوجوه حولهم عن جداتهم، ويسألون ببراءة قلوبهم عن الأرجوحة، والألعاب التي سافرنا وتركناها خلفنا.

أتينا من كل بقاع الدنيا لنعيش على رقعة ضيقة المساحة، فوجدنا وطناً بوسع الكون براحاً وطيباً وسلاماً حولنا.

أتينا بملامح مختلفة قدر اختلاف جذورنا وهواء بلداننا، فالتقينا وكأن شيئاً قديماً هنا يجمعنا، يؤلف قلوبنا ويذيب الفوارق بيننا.

هكذا كانت حالنا نحن الوافدين حين قدمنا إلى هنا، حيث الإمارات وشيوخها وأهلها الطيبون الذين أكرموا وفادتنا، وطمأنوا خوفنا وفتحوا لنا الأبواب ومنحونا الفرص وشاركونا الخير والرزق، فغرسنا دونما قصد وبكل حب في أرضها جذورنا.

نحن الوافدين لم نشعر يوماً باغتراب ولم نجزع حين جزع العالم حولنا، يأسرنا - دون تعمد - حسن المعاملة واحترام حقوقنا وتسهيل حياتنا، فلا عجب أن نحب هذه الأرض بصدق ونتصدى لمن يحاول النيل منها، أو حتى لومنا على انتمائنا وولائنا.

نحن الوافدين نحفظ تواريخ الإمارات وأيام سعدها وأعيادها ونعرف قدر ومكانة رجالها، ونثق بهم ونمتنّ للحب والخير الذي نزع الأحقاد والبغضاء وأحيا الجميع في أمن وسلام.

هنا وطن يسع العالم بأجناسه وأطيافه، وقيادة تحكم بالحكمة والرحمة وتقود بالحب، وبيوت عامرة بالكرم وأبواب مشرعة على الأمل.

هذي هي الإمارات وشيوخها وأهلها، نموذج للتكاتف والتطور والحداثة والجمال وصناعة المستقبل.

عام مضى سريعاً منذ تولّى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أمانة حب الإمارات وشعبها وكل مقيم على أرضها، ازدهرت فيه الأرض وزاد خيرها وامتد، وازدان بنيانها، وارتفع اسمها وعَلمها، وتعززت سمعتها موطناً للجميع وباباً مفتوحاً للعطاء.

عام مضى سريعاً كنتَ فيه الأب والأخ وصاحب الطلة التي تنشر الأمان وتُبشّر بقادم الأيام، وعام جديد نستقبله معك ولسان حالنا جميعاً - مواطنين ووافدين - يقول: «كل عام وديارك عامرة، كل عام وأنت بوخالد.. القلب الرحيم».

• هنا وطن يسع العالم بأجناسه وأطيافه، وقيادة تحكم بالحكمة والرحمة وتقود بالحب، وبيوت عامرة بالكرم وأبواب مشرعة على الأمل.

amalalmenshawi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر