مباراة الكأس

يوسف الأحمد

قد تشتد المنافسة وتصل إلى ذروتها في الصراع والسجال وتبادل الأدوار ضمن إطار مستطيلها الأخضر، الذي ما إن تُطلق صافرة الختام لفض نزاله حتى تُطوى حينها صحيفة تلك المواجهة وما تحمله من مشاهد باختلاف حدتها وتفاصيلها، لتكون الحصيلة نصيباً من المكاسب، تجعل أحدهما راضياً مرضياً بينما يخرج الآخر وقد غمره الاستياء والحزن من ضياع ما كان قريباً وفي متناول الأحضان.

هكذا جرت العادة عند المواجهات الساخنة التي تتفاوت فيها وتيرة النزال وتلتهب معها درجة الاحتقان، ليشتعل عندها فتيل التحدي مدفوعاً بنوعية وحساسية الخصمان وما يحملانه من إرثٍ متبادل وتاريخٍ حافل يسبق حضورهما لأرض الميدان. ورغم هذه الدوافع فإن ذلك لا يعني إسقاط حبل الأخلاق والوصال مهما بلغت أهمية وقيمة الحوار، مع التسليم بأن غاية كل طرف هي النيل من الآخر والتفوق عليه في مستطيلٍ صغير يجذب الأنظار ويحشدها نحوه، ليتحول إلى مسرح للمنافسة والاستعراض مع تباين الأدوار واحتدام نزاع الأقدام، كي يخرج من بينهم بطل واحد عند نهاية المشوار.

ودون شك فإن اللقاءات الكروية الكبيرة تحفل بالعديد من المواقف والأحداث التي تبقى شاهد عيان ومدونةً في دفتر الذاكرة الذي ستقلب أوراقه الأجيال مستذكرين تفاصيلها في يوم من الأيام، لاسيماً أن فيها من العبر والدروس ما يكفي لتوجيه الآخرين والتعلم من الأخطاء والهفوات ثم استلهام الإرادة والعزيمة من روح الكبار.

فقد كان مشهد العين والشارقة مميزاً في جميع أجزائه، كونه جمع قطبي كرة الإمارات في نهائي أغلى الكؤوس، إذ رسموا لوحة جميلة من الأداء والجهد الذي صفق له الجميع ووقفوا احتراماً لعطاء وكفاح استمر على مدار الوقت، لم يُنهه سوى ضربة حاسمة أرغمت الطرفين على فض النزال وإسداله لمصلحة الشارقة، الذي تُوج بطلاً للمرة العاشرة في تاريخه.

حيث كانت مواجهة فارقة لم تخلُ من الإثارة والمتعة والتوتر عبر دقائقها الطويلة حتى ثوانيها الأخيرة، لتعكس جانباً آخر لطبيعة القوة والندية التي تتواجد عند حضور من اعتاد على البطولات، بعدما تجلت الرغبة الجامحة والإصرار المتوهج بالحماس والاندفاع لنيل اللقب والظفر به، فهي عوائد الكبار التي ترتبك معهم التوقعات وتتلاعب بالقراءات، ولهذا فإن نهائي الكأس كان قفزة نوعية وتطوراً لافتاً في مستوى التنظيم والمنافسة التي أفرزت نموذجاً جميلاً من التلاحم والانسجام وكفاءة الأداء، مثلما أنها قدمت ترجمة واقعية لمفهوم الاستثمار من أجل الحصول على بطولة وإنجاز.

مواجهة الكأس كانت فارقة ولم تخلُ من الإثارة والمتعة عبر دقائقها الطويلة.

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر