«نلتقي»

وقعة الشاطر بـ«ترند»

د. بروين حبيب

تحوّل سقوط الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب على المسرح، أثناء تقديمها حفلاً في دبي، إلى «ترند»، فلم تبق وسيلة إعلام مرئية أو مقروءة، ولا أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي إلا ونقل وعلّق وحلّل. والطريف أن شيرين توقّعت ما سيحصل، فقالت بعد القيام من سقطتها بأنه بسبب ما حدث «ستترك السوشيال ميديا كل شيء وتقول انظروا ما حصل لشيرين».

وما حدث مع الفنانة الشهيرة حصل قبلها مع عشرات الفنانين المشاهير، عرباً وأجانب، من مادونا وبيونسيه وجاستن بيبر، إلى ميادة الحناوي وماجدة الرومي وعمرو دياب، بل هناك من توفّوا على خشبة المسرح، لعل أشهرهم طلال مداح، ونجم المسرح الرحباني نصري شمس الدين، رحمهما الله.

والشيء بالشيء يذكر، فأشهر سقوط على المسرح كان ما حدث لكوكب الشرق أم كلثوم على مسرح الأولمبيا بفرنسا سنة 1967، وهي تؤدي رائعتها الأطلال، فحين وصلت إلى مقطع: «هل رأى الحب سكارى مثلنا»، قفز شاب إلى المسرح محاولاً تقبيل رجلها، وحين تراجعت ساحبة رجلها لتمنعه من ذلك تعثرت فوقعت أرضاً، وفي أثناء ذهول الفرقة والجمهور قامت «الست»، وشرعت بسرعة بديهة مذهلة في غناء المقطع الذي وقفت عنده، بعد أن استبدلته بـ«هل رأى الحب سكارى بيننا»، مشيرة إلى الشاب الذي كان الأمن يسحبه خارج القاعة تحت ضحكات الجمهور.

فسقوط الفنان موقف يحدث، قد يكون مؤلماً حيناً وطريفاً حيناً آخر، لكن أن يتحوّل إلى نبش حياة الفنان الشخصية، وتحليل نفسيته وفئة دمه، بل وإجراء اختبار تعاطي الممنوعات له ممن يتصيدون الفرص، فذلك أمر غير مقبول.

قد يكون لما حدث مع شيرين في الفترة الأخيرة من مشاكل عائلية وزوجية وصحية دور في هذه الضجة، ولكن أن يصبح ذلك خبراً أوّل في وسائل التواصل فنحن بحاجة لإعادة ترتيب أولوياتنا، بل ما هو مؤلم أنّنا عوضاً عن أن نتعاطف مع هشاشة الفنان، ولحظات ضعفه الإنساني، نجد هناك من يشحذ سكاكينه للتشفّي واستكثار التعاطف على إنسانة لطالما وهبتنا لحظات سعيدة، وكانت شريكة أفراحنا وأحزاننا.

الضغط الذي تتعرض له هذه الكائنات الضوئية هائل، فكلّ خلية من أجسادهم معروضة تحت المجهر، وكل كلمة تصدر عنهم هناك من يأوّلها ويضخّمها، ما يجعلهم في استنفار عصبيّ دائم، يجرّ كثيراً منهم إلى الكآبة والعيادات النفسية، فيا ليت الجمهور المحبّ والمتربّصين المتلصّصين يعطون الفنان مساحة لترميم ذاته المنكسرة أحياناً، حتى لا تتحول كل سقطة إلى ورطة، وتصبح وقعة الشاطر بـ«ترند».

ما هو مؤلم أنّنا عوضاً عن أن نتعاطف مع هشاشة الفنان ولحظات ضعفه الإنساني، نجد هناك من يشحذ سكاكينه للتشفّي واستكثار التعاطف على إنسانة لطالما وهبتنا لحظات سعيدة، وكانت شريكة أفراحنا وأحزاننا.

@DrParweenHabib1

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

 

تويتر