الدراما المحلية أعمق من دكان الطيبـين

د. يوسف الشريف

صحيح أنني لست من متابعي دراما رمضان بصورةٍ كبيرة، إلا أن ما أشاهده بين فينة وأخرى أو أسمعه من بعض تعليقات الأصدقاء، أو حتى ما أشاهده من تعليقات ومنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول الدراما المحلية تقريباً هو نفسه ما أجده كل عام، لا جديد يذكر إنما القديم يعاد، ورغم أن تجربتنا الدرامية المحلية من المفترض أن لديها خبرة طويلة من التجريب، إلا أن الدرس لم يصل ولم نتعلم من تجاربنا السابقة لنقدم ما هو مختلف وجديد.

لابد أن نفهم جيداً أن الدراما المحلية يجب أن تكون أعمق من دكان وسيارات الطيبين ومواضيع الفرجان القديمة، وهي أعمق من الديكورات التي اندثرت في مجتمعنا، وربما لن تجدها اليوم إلا في ديكور بعض المطاعم والمقاهي، الدراما المحلية يجب أن تكون أعمق من التهريج السخيف الذي لم يكن يوماً تصويراً لمجتمعنا، لم أجد شخصية واحدة مما نقدمها في الدراما على أنها دراما إماراتية تشبه شخوصنا وشخصياتنا في الحقيقة فتراها بعيدة كل البعد عنا، ومازلت أستغرب لماذا نضع أنفسنا في قالب واحد؟ قالب الكوميديا الاجتماعية على الرغم من أن مجتمعنا ليس صاحب نكتة، وهذا ما يجعلنا نفشل ونستمر في الفشل وفي أن نجعل الآخرين يتقبلون أعمالنا الدرامية.

نحن كدولةٍ ومجتمع لدينا قصص كثيرة نرويها عن حالنا وأحوالنا، وعن مسيرتنا وطموحاتنا وأهدافنا، وعن تطلعاتنا وخططنا المستقبلية، وحتى عن إرثنا التاريخي كشعب ودولة، أليس من الممكن أن نضع كل هذه المقومات في قوالب درامية تشبه الإمارات وتُعبر عن التطور والرقي والحضارة التي توصلنا إليها؟ أليس لدينا طموح يصل إلى الفضاء يجب أن نركز عليه ونجعله حكايتنا؟! ألم ننشد المستقبل ونضع أحجاره الأساسية؟!! فأين المستقبل من أعمالنا الدرامية؟!!! كل هذا ممكن؛ ولكن متى سننفذ ونرسم لأعمالنا الدرامية المحلية صورة تليق بها وبدولتنا.

إذا فتشنا عن الإنتاج الدرامي، سنجد بأن لدينا في الإمارات شركات إنتاج عالمية تقوم بإنتاج العديد من المسلسلات والأعمال الدرامية في الكثير من البلدان فالمسألة ليست بقوة الإنتاج، وإذا بحثنا عن أماكن للتصوير فلن نجد أجمل من مدننا وإماراتنا، وإذا أردنا القصص فهناك الآلاف منها في رحلة صعود دولتنا من الصحراء للفضاء، قصص عن أحقاب تاريخية مرت علينا وكيف كانت الحياة على أرضنا قبل عشرات السنين، وإن كنتم تبحثون عن قصص درامية فهناك الآلاف منها متاحة للجميع، فقط تحتاج من يفتش عنها ويجد لها مكاناً درامياً يليق بدولتنا وشعبنا.

رغم أن الرسالة هي نفسها التي نقولها كل عام إلا أن التطبيق يبقى ناقصاً ومنقوصاً، فإن كان الخلل في السيناريو فلنبحث عنه في الجوار، ما الذي يمنع؟ وإن كان الخلل في التمثيل فلنتشارك مع نجوم عرب لتعم التجربة، وإن كان الخلل في الاختيار فلندرس اختياراتنا السابقة ونتعلم من تجاربنا ونشاهد أين وصل غيرنا ونتعلم من تجاربهم، ما المانع أن نتشارك في إنتاجات عربية مشتركة؟! فلدينا القدرة والمقدرة بدلاً من أن تبقى أعمالنا تمثيلاً لا يليق حتى بزمن الطيبين.

فهؤلاء الطيبون هم من مثلوا «أشحفان القطو» هذا العمل ذا الطابع الاجتماعي الكوميدي والذي استمر نجاحه لعقود من الزمان، وكذلك لنتخذ من مسلسل «درب الزلق» هذا المسلسل الكويتي الذي مازال يعرض منذ أكثر من 40 سنة وقد أثر في المجتمع الخليجي عموماً، بل إن كل من عاش من أخوتنا العرب على أرض الكويت أو الخليج لابد أن يكون شاهده وتعرف على شخصياته وشخوصه.

على كل حال انسوا زمن الطيبين وقصص النكد التي تغطيها بقية القنوات، واعملوا على إصدار عمل جديد غير تقليدي ليكون نموذجاً خالداً يمثل دولتنا ويليق بسمعتها، فقد اكتفينا من الشخصيات «الهبلة والشحيحة والدمبكة».

twitter.com/dryalsharif

www.ysalc.ae

محامي وكاتب إعلامي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر