يوميات في العمل الخيري (4)

دُولة بين الفقراء

الدكتور هشام الزهراني

تحظى الجمعيات الخيرية في الدولة، بفضل الله تعالى، بثقة ولاة الأمر، وكذلك المؤسسات والأفراد، حيث تعمل الجمعيات تحت مظلة جهات حكومية، تشرف عليها، وتؤطر لها العمل الخيري ليستمر العطاء ويمتد.

وهذا الإشراف يمنح الجمعيات الخيرية مكانة مرموقة في تقديم خدماتها باستخدام أفضل تقنيات توصل إليها العلم الحديث، مع مواكبة كل ما يستجد في ذلك، لتبقى الجمعيات الخيرية في دولة الإمارات في مقدمة الركب في تطوير وتحسين العمل الخيري.

وبسبب هذه الثقة، يقوم بعض رجال الأعمال والمحسنين بتحويل حالات طالبي المساعدات منهم إلى الجمعيات الخيرية، لما تتمتع الجمعيات من خبرة في مجال البحث الاجتماعي الدقيق القائم على دراسة ملفات الأسر المتقدمة للحصول على المساعدات المادية، والتأكد من مطابقة وضع الأسرة للواقع، بهدف تمييز المستحقين عن غيرهم.

ونضع أيدينا في أيدي المحسنين، مؤكدين أهمية سلوك هذا الطريق، بل في نظري هو أنفع من أن يتولى المحسن ذلك عبر مؤسسته أو موظفيه، لقلة الخبرة والانشغال عن متابعة أحوال المراجعين تفصيلاً.

وقد تكون مساعدته من أموال الزكاة، ولها مصارفها المحددة، فيخشى الخروج على مساعدة المستحقين، وبالتالي، فإن ذلك يخل بأداء فريضة الزكاة.

ولكن ما زادني اقتناعاً بما ذكرته – وربما يخفى ذلك على آحاد الأشخاص - ما لفت نظري في قوائم الأسماء المحولة من المحسنين إلى الجمعيات الخيرية، فالأسماء المسجلة في كشوفات المحسنين تحتوي على أسماء معينة متكررة عند آخرين من المحسنين، مع تباعد كل فاعل خير عن الآخر، ولا أستبعد أن تكون أسماؤهم مسجلة عند محسنين آخرين، كذلك لم يخاطبوا الجمعيات الخيرية.

فالعامل المشترك في هذه الأسر أنها على دراية تامة، وتقصٍ دقيق عن مفاتيح الخير، وكيف تؤثر فيهم، لتأخذ المساعدات التي تلبي احتياجاتها، وقد تكون أكثر من حاجتها.

ولا يحمل هذا الكلام على عموم المحتاجين، ولكنني أقصد فئة منهم ممن يتقنون هذا الأمر.

وحتى لا تبقى المساعدات متداولة بين فقراءَ محدودين، وحتى يعم الخير وينتشر إلى غيرهم، أدعو المحسنين إلى أن يجعلوا زكاة أموالهم وصدقاتهم في الجمعيات الخيرية، ليقفوا على حقيقة هذا العالم الغائب عنهم.

أو يستشيروا الجمعيات الخيرية للبحث والتحري عن الأسماء المسجلة لديها، وبذلك نتجنب التكرار ويحصل التشارك في قضاء الحاجات.

(الجمعيات الخيرية ترفع عنك مشقة التحقق من المستحقين، وتجنبك تداول زكاتك بين أفراد معينين).

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر