تعلمنا منه

أمل المنشاوي

تحفظ ملامحه الصحراء التي خطّ أحلامه بيده فوق رمالها ذات يوم، فغدت مدناً وطرقات وبيوتاً عامرة عنوانها الكرم والتعايش والجيرة الحسنة للقريب والغريب.

تذكره بالخير أشجار النخيل التي غرسها على حوافّ الطرقات واهباً ثمارها للبشر والطير والأرض التي مهدها وعبّدها طرقاً وشوارع تتزيّن بالبهجة وتبعث السرور.

تعرفه أجيال تربت على نهجه، وورثت خصالة وعملت بوصيته وحافظت على إرثه وقدمت الإنسان وسعادته على ما سواه، فجاءهم العالم بجنسياته وألوانه وأعراقه للعيش معهم وفي كنفهم.

يخلده العمل ويشهد له الخير الذي اقتسمه مع الجميع بلا منّة ولا تفضل ولا مقابل، ويشفع له الحدب والحنو على المعوزين في كل بقاع الأرض.

يمتن له كل غريب وطأ أرض الإمارات حاملاً معه همّاً وحلماً في حياة أفضل فوجد فوق ما يتمناه، ويترحم عليه الأمن والأمان الذي طوق به حياة الناس في صحوهم ونومهم وذهابهم وإيابهم حتى بات منهجاً يدرس وقانوناً يُعمل به في كل وقت وحين.

تدعو له المساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم التي فتح أبوابها بالمجان وسخر لها كل الإمكانات، وكرم حفظة كتاب الله وأعلى شأنهم، فأعز الله سيرته، وطيّب ذكراه.

تحكي قصته الأمهات اللواتي عايشن إصراره، وشاهدنه وهو يضع الأساس لدولة فتيّة لا تعترف بالمستحيل، وتُعلي قيم الحق، وتخدم الإنسان في كل مكان.

يسجل تاريخه المشرف مواقف شجاعة وثوابت لم تتغير وحرص على لمّ الشمل وتنقية الأجواء من المحيط إلى الخليج فأصبح «حكيم العرب» بلا منازع.

هو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الإمارات وعنوان نهضتها الذي تحل ذكرى رحيله في 19 رمضان كل عام، رجل تعلم منه الجميع، من عايشه ومن عاش بعده، تعلمنا منه جميعاً أن «الرزق رزق الله» والعفو من شيم الكرام.

تعلمنا منه قيمة الوقت وقدسية العمل وأهمية التعليم وبذل الجهد وطرق كل أبواب الخير.

تعلمنا منه حب الحياة ومتعة العطاء وسماحة الدين ووسطية الإسلام والعيش بسلام، فلا ضغينة ولا أحقاد ولا أبواب مغلقة، فالبيت كبير ويسع الجميع من بني الإنسان.

من يعش هنا في الإمارات، يعلم أن القانون سيف، والعدل فرض، والنظام أسلوب حياة.. وهذه أساسيات وضعها، طيب الله ثراه، ويكمل عليها أبناؤه بلا تقصير.

رحم الله الشيخ زايد، قامة وقيمة، قدر ما رحم الخلق بلا تمييز، وسهّل حياتهم، وأغدق عليهم من الخير الوفير.

تعلم منه الجميع.. من عايشه ومن عاش بعده، تعلمنا منه جميعاً أن «الرزق رزق الله» والعفو من شيم الكرام.

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر