حكمة القيادة

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

ستظل دولة الإمارات العربية المتحدة، في ظل قيادتها الرشيدة، ذات الحكمة البالغة، في سباق مع الزمان لتحقيق ما تصبو إليه من تقدم ورُقي، ولا أدل على ذلك من القرارات التاريخية التي اتخذها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، التي أسند فيها مهامَّ عظيمة لرجاله المخلصين والملهمين، منهم نجله الشاب اللُّوذعي المثقف السياسي والعسكري، سمو الشيخ خالد بن محمد، الذي ترعرع في ظل قيادات متوالية، كلها تنبع إيماناً وحكمة ورشاداً، أوَّلُها جده المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أُسُّ الحكمة العربية والشهامة والنجدة الإنسانية، ومنها عمه الوفي الكريم ابن الكريم، خليفة بن زايد، الذي كان الوجه الآخر لأبيه المؤسس، رحمهما الله تعالى جميعاً، ثم أبوه الفارس الشهم الحكيم ابن الحكيم، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة، حفظه الله تعالى، فرجلٌ كخالد يغترف من هذه المدارس الثلاث المتكاملة؛ لهُو جدير بالمهمة العظيمة التي حُمِّلها، وهي ولاية العهد، فهو الذي رأى فيه أبوه الحنكة الكافية للقيام بهذه المهمة التي خبر ثقلها من قبل، فلم يكن ليضعها في غير من هو بها أجدر، وعليها أقدر إن شاء الله تعالى.

ومنهم إخوانه الكرام، الذين يحملون دفة الدولة معه منذ نعومة أظفارهم، وقد تخرجوا في المدارس الثلاث التي تخرج فيها ولي العهد، فكانوا جميعاً كحلقة مفرغة لا يُدرى أين طرفاها؛ فسمو الشيخ منصور بن زايد رجل المال والقيادة والريادة، الذي قلده مهمة نائب رئيس الدولة، بالتشاور مع إخوانه الحكام، حفظهم الله جميعاً، فكلهم بارك هذا الاختيار الموفق، ورأوا أنه جدير بأن يكون نائباً لرئيس الدولة، فهو الذي حمل وزارة شؤون الرئاسة عدة سنين، فأدارها أحسن إدارة وأتقنها، فكان بهذه المهمة أحرى.

وكذلك إخوانه هزاع بن زايد وطحنون زايد اللذان اختارهما ليكونا نائبين له في حكومة أبوظبي، هو نعم الاختيار، فهما الأخوان الشقيقان، والصنوان العزيزان، اللذان يشد بهما أزره، ويشركهما في أمره؛ لما لهما من الحِنكة والدراية بأمور الدولة، الداخلية والخارجية، فمن مثلهما؟! وقد شربا نهَلًا بعد عَلل من المدرسة التي نهل منها سموه، وهي مدرسة زايد، ومن بعده خليفة، ثم تمما من مدرسة سموه التي لازالت تفيض عطاءً وبركة على الأمة الإماراتية والإنسانية.

ولا بِدع في هذا كله، إلا أن شهادتنا لقيادتنا العزيزة قد تكون مجروحة لبالغ محبتنا وإخلاصنا لها، لكن شهادة الخبير العليم هي التي تؤكد ذلك كله؛ فهذا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله ورعاه، هو الذي يُنْبئ بعلم ودراية، فصاحب البيت أدرى بالذي فيه ﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾، فقد كان أول المغردين بمباركته هذه التعيينات المباركة، فقال: «أبارك لأخي الشيخ هزاع والشيخ طحنون والشيخ منصور والشيخ خالد بن محمد ثقة رئيس الدولة، بكم وبإخوانكم القادة من الجيل الجديد تستمر المسيرة، وتعلو الراية، ويترسخ المجد».

ثم لم يكتف بذلك حتى عبر عن ذلك برائعة شعرية قال فيها:

لي عليهمْ بعدْ ربِّي الاعتماد التَّهاني للشيوخْ الطَّيِّبينْ *

                للمعالي وارثينْ وكاسبينْ* قادةْ العليا وأملْ هذي البلادْ

جيلْ يخلفْ جيلْ حينِ بعدْ حينْ* والمسيرة مستمرة باجتهاد

                حطْ بوخالدْ علىَ عضدهْ اليمينْ* خالدْ وولاهْ عهدهْ باعتماد

وحطْ جنبي اللِّي علىَ الشدهْ يعينْ* نعمْ منصورْ الذيْ بالجهدْ زادْ

                واختياره إثنينْ حكمَهْ نايبينْ* كانْ هزاعٍ معَهْ طحنونْ رادْ

كوكبَةْ فرسانْ معدنهمْ ثمينْ* بالشَّهامِهْ يحرسونْ الإتحادْ

                وكلنا جندْ الوطَنْ لهْ حافظينْ* خلفْ بوخالدْ لنا للمجدْ قادْ

يا زعيم المرجلِهْ لكْ تابعينْ *حكمتكْ تهدي الوطَنْ دربْ الرشادْ.

وهكذا هو الاتحاد، لحمة واحدة كلحمة الجسد الواحد، زاده الله قوة وثباتاً، وزاد شيوخنا عزة ومنَعة.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر