دروس من كلمة

محمد سالم آل علي

في أثناء متابعتي لفعاليات القمة العالمية للحكومات، وما تخللها من حوارات ونقاشات، حللت الحاضر، ورسمت وقائع المستقبل، استوقفتني تلك الكلمة التي لا تُنسى لصاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، وهو الذي استهلها بأسمى معاني الأخوة والإنسانية من خلال الدعاء للشعبين السوري والتركي، جبراً للمحن وتخفيفاً للأهوال، ثم استرسل فيها وهو يجود بأقوال وعبارات تجمع ما بين استدعاء الماضي العريق للإمارة، ومخاطبة حاضرها المشرق، وصولاً إلى ترسيم ملامح مستقبلها الواعد الذي يملؤه الأمل والسعادة والازدهار.

نعم إنه الطموح محرك الأمم والشعوب، وطموح أبناء هذا الوطن راسخ في هويتهم العربية والإسلامية والإنسانية، وهذا بالتحديد ما جعل من دولة الإمارات منارة للأمم، ومنصة لتجاوز الحاضر وبلوغ آفاق المستقبل؛ هكذا جاءت كلمات سموه لتعبّر عن فكره العميق ورؤاه السديدة، فإمارة رأس الخيمة بلغت اليوم ما بلغت بعد أن اهتدت بخطى الآباء المؤسسين، واستمدت من بصيرتهم النافذة، تلك البصيرة التي جعلت من الإنسان محوراً للزمان والمكان، وعليه وحده تعقد جميع الآمال.

لقد أرسى سموه قواعد المستقبل ورسم معالمه، وأكد بما لا يترك مجالاً للظن والتخمين، أن مستقبل رأس الخيمة يقوم على مرتكزات أربعة، جوهرها الإنسان، وعنوانها ما سيأتي ويكون، وأولها «مواطن قادر على صنع مستقبله»، ويا لها من ثقة عظيمة وضعها سموه في أبنائه المواطنين، فهم لا ينتظرون الغد ويأملون به، بل يصنعونه منذ اليوم بجهودهم وسواعدهم.

وثانيها «بيئة طبيعية مصونة تحفظ الهوية التاريخية»، ولا أعتقد هنا أن أحداً يخفى عليه جمال رأس الخيمة الطبيعي، بشواطئها ورمالها وجبالها، أو تاريخها الذي يضرب أعماق الزمان، ويأتينا بإرث عمره 7000 عام، كانت أرض الإمارة خلالها موطناً للحضارة، وجسراً للتبادل يربط قارات العالم القديم بكل من عاش فيها من شعوب وثقافات.

وثالثها «حكومة تبني الجسور للازدهار والتقدم نحو المستقبل المشرق»، أي حكومة فاعلة تضع الأسس وتشيد الجسور لكل من أراد العبور والوصول لهذا المستقبل الموعود، وهي هنا لا تقدم أدوات النجاح فحسب، بل تستثمر في الإنسان نفسه، وتمكنه من سبر عوالم الغد وهو مدرك بأن هناك من سيدعمه ويرشده.

ورابعها «اقتصاد حيوي مستدام يضمن الازدهار ويكون مفتاحاً لغد أفضل»، أي ذاك الاقتصاد الذي يستثمر في الإنسان قبل الأعمال، ثم يحتضنهما معاً بمنهج مستدام، يراعي البيئة والمجتمع، ويخلق ازدهاراً متنامياً يُسعد الجميع في الحاضر والمستقبل.

وقد أكد سموه أن النجاح يقوم على اثنتين، البيئة الحاضنة، أي أبناء الوطن الذين يجمعهم الاتحاد ويوحد مسيرتهم نحو هدف واحد؛ والقيادة الرشيدة التي حولت الحلم إلى حقيقة عبر مجموعة من الرؤى والاستراتيجيات الحكيمة، التي كان لها الدور الأول في وصول الإمارات إلى طليعة العالم المتقدم.

«إمارة كبيرة بطموحاتها وعزيمة أبنائها وبناتها»، هذه هي قصة رأس الخيمة كما أوردتها كلمات سموه، فالاقتصادات الصغيرة تكبر بالقيادة الرشيدة، وتنمو بأرقامها لتتجاوز جميع الآمال والتوقعات، فالإمارة اليوم نجحت، بفضل بنيتها التحتية القوية، في جذب مختلف أنواع الاستثمارات، الصناعية والتكنولوجية والسياحية والعقارية، وأصبحت نموذجاً رائداً للابتكار والشراكات وريادة الأعمال.

وفي الختام، توّج سموه كلماته قائلاً إن ما نحن فيه من منجزات ونجاحات ما هو إلا حصيلة لجهود حكام الإمارات، وتجسيد لروح التعاون والتلاحم بين أبناء هذا الوطن العظيم، وإذا كان الماضي يشهد على التفوق، فإن القادم سيتجلى من خلال حكومة تحمل نفس الروح والطموحات، وتعزف كفرقة واحدة لمستقبل لا يُدانى.. والله لا قول في رأس الخيمة بعد ما قال.

مؤسس «سهيل للحلول الذكية»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر