«نلتقي»

قطتي تحبّ شكسبير

د. بروين حبيب

أعترف بأنني لست مولعة بالقطط، وأجد الحديث عنها مضجراً، رغم أن لي صديقات لا حديث لهن سوى عن ذكاء قططهن، إلى حدّ أنها تشاركهن القراءة، وتناقشهن في المفاضلة بين المسلسلات الرمضانية. تروي لي إحدى صديقاتي الكاتبات عن علاقتها بقطتها، وكيف تتفهم القطة نفسية الصديقة، وتشعر بآلامها وأفراحها، وفي كل حالة منهما تتصرف القطة بطريقة مختلفة؟ أكاد أقول لصديقتي أن تتشارك مع قطتها في إنجاز كتاب، ثم أتذكر أن قطتها سيامية لا تجيد العربية.

ولكي تحبّبني صديقتي بالقطط، قالت: هل تعلمين أن هيمنغواي كان يربّي أكثر من 50 قطة في منزله؟ فقلت في نفسي: فهمت الآن لماذا انتحر بإطلاق الرصاص على رأسه! وبما أنها مصرّة على أن أقاسمها هوسها رغماً عني، نصحتني بمشاهدة وثائقي على «نتفليكس» عنوانه «ماذا يدور في رأس القطط»؟ فأرسلت لها مقالاً عن دراسة حديثة (أواخر 2021) لمجموعة علماء من جامعتي ليفربول وجون مورس، تقول إن جميع القطط تعاني اختلالاً عقلياً لأنها تنحدر من أسلاف متوحشين.

يكتبون عن فلان وفلان من مشاهير الكتاب الذي يحبون القطط، بل جاء في مقال بعنوان «قطط الكتّاب»، أن منازل الكتّاب تغدو موحشة وخرائبية من دون قطط. ولا ينتبهون إلى مئات آلاف الكتّاب ممن لم يقتنوا قطّاً في حياتهم! لمحبي القطط مطلق الحرية في وصف الأثر الإيجابي لتلك الكائنات الصغيرة الأليفة على كتاباتهم، ولكن أن تصبح القطة شرطاً إبداعياً فيصعب بَلْعُ هذا.

كنت أحسبني وحيدة ممن لا تبالي بالقطط – ولم أقل إننّي أكرهها مطلقاً – حتى سألت صديقاً مخرجاً عن علاقته بالقطط، فقال لي: لا أقول لك أنا على مذهب الصينيين في التعامل مع القطط، ولكني لا أحب من أشاركها بيتي فتمزق أريكتي، وتسرق اللحم من صحني، وتزاحمني على فراشي، فإذا أبعدتها تقفز على وجهي ليلاً، وفوق هذا أخشى معاقبتها مخافة أن تشهّر بي «جمعية الرفق بالحيوان».

لتوضيح الصورة أنا لست مصابة بـ«فوبيا» القطط مثل نابليون بونابرت، ولا ممن أُطلِق عليهم (Cat Haters) أي كارهو القطط، مثل الرئيس الأميركي إيزنهاور، ولكني أوافق المغني الأميركي بول غراي تماماً، حين قال: «وُجِدت القطط في العالم لتناقض المنطق القائل إن كلّ الأشياء خُلقت لخدمة الإنسان». ولن أغير رأيي حتى تهديني صديقتي التي تمتلك ست قطط إحدى قططها المثقفة التي تحب شكسبير، وتحب مثلي أشعار نزار قباني، وتستمع إلى فيروز، وتبتسم حين نأخذ معاً صورة لـ«إنستغرام».

لكي تحبّبني صديقتي بالقطط قالت: هل تعلمين أن هيمنغواي كان يربّي أكثر من 50 قطة في منزله؟ فقلت في نفسي: فهمت الآن لماذا انتحر بإطلاق الرصاص على رأسه!

@DrParweenHabib1

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر