الاحتفاء بيوم التعليم الدولي

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

اليوم الدولي للتعليم الذي يصادف 24 يناير يعد يوماً تاريخياً، لما فيه من إذكاء النفوس اليقظة، والعقول النابهة؛ بأهمية التعليم العام للبشرية عامة، ولأمتنا العربية الإسلامية بصفة خاصة، فإن أمتنا هذه تعد الأكثر تخلُّفاً في التعليم، مع أننا أمة القراءة الكتابة والمعرفة والعلم، غير أنها لم توفق في الأعصر المتأخرة بمن يقوم بواجبها نحو الأخذ بيدها للعلم والمعرفة، والإنسان خلق وهو لا يعلم شيئاً، كما قال ربنا سبحانه: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا}، وإنما العلم بالتعلم، فعلى الإنسان أن يتعلم ليخرج من دائرة الجهل، وضيق المعيشة.

وقد أحسنت منظمة اليونسكو بإيقاظ الضمير الإنساني لأهمية العلم، فاستخرجت من منظمة الأمم المتحدة يوماً رمزياً للاهتمام بالعلم، حتى تقوم الدول والشعوب بواجبها نحو تعليم الناس العلوم النافعة في دينهم ودنياهم، لأن الأمم والشعوب لا ترقى ولا تخرج من دائرة التخلف إلا بالعلم، وهذا ما تفعله الدول المتحضرة التي تجعل التعليم مهمتها الأولى نحو شعوبها، فلا تبخل بالمال في ميادين المعرفة المختلفة، فلذلك حققت الكثير من الإنجازات والاكتشافات في كثير من المجالات المعرفية والتقنية، بينما الدول التي أهملت التعليم تعيش الآن في سرادقات الأُمِّية والتخلف والعيش النكد، وكان بمقدورها أن تخرج من ذلك لو أنها سلكت سبيل التعليم، فهذه مسؤولية الدول في المقام الأول، ولا يعفيها من ذلك شحُّ الموارد وقلة الإمكانات كما يقولون، فإنها تقدر أن تتجاوز ذلك بفعل الممكن، مع المثابرة والسعي لتحقيق التفوق العلمي لشعوبها ولو بالاقتراض، كما تفعل لما تريده من أسلحة ووسائل الترف.

إن إحياء يوم عالمي للتعليم يعني أن كل مقتدر عليه أن يسهم في نشر العلم وينفع إخوانه بني الإنسان بما يقدر، وهو ما تفعله قيادتنا الرشيدة التي جعلت التعليم أول أولوياتها لشعبها ولشعوب العالم، فبذلت الكثير ومازالت تبذل الأكثر، ومن ذلك مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، التعليمية؛ فإنه لما رأى تخلُّفَ كثير من الشعوب في التعليم، آلمه ذلك، فقدم مبادرات معرفية عديدة من أجل نفع الإنسانية، كمؤسسة دبي للعطاء، ومؤسسة مكتبة محمد بن راشد، ومؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، وجائزة محمد بن راشد للمعرفة، وقمة المعرفة، وجائزة محمد بن راشد للغة العربية، وتحدي القراءة العربي، ومنصة مدرسة للتعليم الإلكتروني العربي، والمدرسة الرقمية، وغيرها من المبادرات، فضلاً عن جوائز الشيخ حمدان بن راشد، رحمه الله، الطبية والتعليمية والتربوية وللطالب المتميز، وغيرها، فضلاً عن المؤسسات التعليمية التي تنشأ في الدول الإفريقية والآسيوية وغيرها، والتي يتخرج منها أناس يصبحون فاعلين في مجتمعاتهم ومؤثرين فيها، وهكذا بقية الأنشطة والجوائز والمؤسسات التعليمية التي ترعاها الدولة عامة والقيادة الرشيدة خاصة، فإنها كلها تستهدف الإنسان أياً كان، ليخرج بنور العلم من ظلمات الجهل، ويسهم في إسعاد نفسه ومجتمعه، فكل ذلك كان استشعاراً بحقوق الأخوة الإسلامية والإسلامية، فلم تقصِّر القيادة الرشيدة بتقديم ما يمكن تقديمه من أجل نفع الإنسان في التعليم خاصة؛ لعلمها أن التعليم حق إنساني.

فعلى كل من يقدر على فعل شيء من أداء هذا الحق أن يبادر بذلك، فإن التعليم هو المخلِّص للإنسان من التعثر في الحياة، وكما قالوا:

العلمُ يُعلي بيوتاً لا أساس لها* والجهلُ يهدم بيت العِزِّ والشرفِ

إن هذا اليوم الذي تحتفي به الأمم المتحدة والعالم من ورائها؛ يجب أن يكون حافزاً للجميع للقيام بدور نافع في تعليم الناس ونفعهم، وأن على الدول التفكير الجاد بمبادرات نافعة في هذا المجال، لاسيما مع توافر التقنيات، وسهولة أخذ المعرفة بالوسائل المتاحة.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي» 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر