«نلتقي»

قلب بنبضين

د. بروين حبيب

حينما كنت أجمع مادة كتابي «شِعرُ المرأةِ في ألف عام»، الذي صدر هذه السنة عن مركز اللغة العربية بأبوظبي، مرّ بي قول تلك الأعرابية حين سئلت أي بنيها أحب إلى قلبها، فقالت: «هم كالحلقة المُفرَغَة لا يُدرى أين طرفاها»، تذكّرت هذا القول وأنا أرى بكثير من الفرح لقاء صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مع أخيه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في استراحة المرموم في دبي.

بالنسبة لي هما نصفا القلب الذي اكتمل في صورة واحدة. عادت بي الذاكرة إلى أكثر من عقدين من الزمن، وأنا في القاهرة مسرورة بحصول سهرتي عن «نزار قباني»، التي سميتها «شاعر في قلب عصره»، على جائزة النخلة الذهبية في مسابقة الإنتاج التلفزيوني سنة 1999، يومها حين عرض عليّ مدير تلفزيون دبي العمل في الإمارات، لم أكن أعلم أن السّنة التجريبيّة تمتد على مساحة أزيد من 20 سنة، وأن أُصبح نبضةً في القلب الإماراتي، كما كنت ولاأزال نبضةً في القلب البحريني. فالمنامة ودبي ليستا في قلبي ضرّتان، بل توأم سياميّ يصعب فصله. لا أشعر بحنين الاغتراب في دبي، بل بميزة الإضافة والتنوع.

أنا مدينة لأماكن ثلاثة، بما وصلت إليه: البحرين في تكويني الأدبي، والقاهرة في تكويني الأكاديمي، ودبي في تكويني الإعلامي، منحني تلفزيون البحرين فرصة البداية، وتكفّلت قناة دبي بتمهيد الطريق الطويل أمامي من مذيعة لنشرات الأخبار الرئيسة إلى معدّة ومقدمة برامج ثقافية واجتماعية عديدة، لذلك كنت مقتنعة دائماً بأن البحرين مسقط رأسي، ودبي مسقط روحي، هما جناحان أطير بهما نحو تحقيق ما حلمت به دائماً، والحمد لله لم يخذلاني يوماً.

أذكر حين كنت أدعى للمشاركة في المؤتمرات والملتقيات والأمسيات خارج بلديَّ الاثنين، كنت لا أستغرب ولا يستغرب المشاركون دعوتي مرة باسم الإمارات وأخرى باسم البحرين، وقد حدث هذا معي كثيراً، وآخرها في مهرجان المربد العريق بالبصرة سنة 2018، إذ كنت ضمن الوفد الإماراتي، برئاسة الشاعر الراحل حبيب الصايغ، وحين سألني أحد الأدباء العراقيين: هل أنت إماراتية، كان جوابي الذي أعتقده ألا فرق بينهما عندي، فانتمائي إليهما مصدر ثراء فكري وعاطفي، لا مبعث اختلاف. بل كم أشعرني قادة البحرين ومثقفوها بفخرهم حين أمثّل الإمارات في فعالية ما!

كل لقاء بين الشيخ محمد بن راشد والملك حمد بن عيسى، يملؤني اعتزازاً، فأستحضر قول الفرزدق مفتخرة: «أولئك آبائي فجئني بمثلهم»، هذه اللقاءات التي وصفها الشيخ محمد يوماً بأنها «خمسون عاماً من العلاقة الشخصية، والدبلوماسية، والعائلية، عمر وعِشرة لا تزيدها السنين إلا قيمة». فالإرث الثقافي والاجتماعي والتاريخ المشترك بين البلدين أرضية ثابتة تنفتح على آفاق التعاون في مجالات كثيرة، أعدّ منها ولا أعدّدها. وقد لخّصها الشيخ محمد في لقائه الأخير أفضل تلخيص، بجملة تحمل كثيراً من المعاني: «علاقاتنا قديمة، وأخوّتنا راسخة، ومستقبلنا مشترك وواعد، بإذن الله».

كنت مقتنعة دائماً بأن البحرين مسقط رأسي، ودبي مسقط روحي، هما جناحان أطير بهما نحو تحقيق ما حلمت به دائماً، والحمد لله لم يخذلاني يوماً.

@DrParweenHabib1 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر