المفهوم الحقيقي للاحتراف

يوسف الأحمد

بلا شك كانت نتيجة قاسية تلك التي تعرّض لها منتخبنا أمام الأرجنتين في الودية الدولية، حيث لم يخرج سيناريو الأحداث عن نص القراءات المتوقعة، نظراً لفوارق الموهبة والمهارة والقوة الجسدية التي لا يختلف عليها ضدان. كما تجلى فيها المعنى الفعلي للاحتراف، وأظهر الفارق الكبير في الأداء والفاعلية وكيفية التعامل وردة الفعل مع كل حركة داخل المستطيل.

المشهد أكد من الوهلة الأولى وبمرور الدقائق أننا بحاجة إلى سنين من العمل والبناء كي نصل إلى مستوى يجاري هذه الفرق، التي تفصلنا عنها مسافة طويلة من الزمن، إذ شتان بين هنا وهناك، فنحن نفتقد الموهبة والمهارة وشغف كرة القدم، فهي ركائز أساسية وأصول ثابتة تعتمد عليها الدول في صراعها مع المنافسين من أجل الوصول والبقاء ضمن فلك الكبار، وبما يُعزز مكانتها وحضورها الكروي العالمي.

ولا خلاف أن لاعبينا لم يكونوا مطالبين بأكثر من الخروج بأقل الخسائر، والاستفادة من هذه التجربة مع نخبة عالمية للتعلم منها وكسب الخبرة، لاسيما عند مواجهة قامة وموهبة تاريخية مثل ليونيل ميسي، الذي غصت المدرجات حضوراً لأجله، فهو ليس كأي موهبة، ولا يقارن بغيره من اللاعبين، كونه من نوادر هذا الزمان، وصدق من وصفه بأنه لاعب أتى من «كوكبٍ آخر»، ليضيف للمستديرة متعة ًوجمالاً وفناً، ولايزال، رغم أنه قد وصل إلى خريف عمره بالملاعب.

ولهذا فإن المفهوم الحقيقي للاحتراف ليس عقداً ومميزات وشُهرة، بقدر ما هو نظام وأسلوب حياة ينبغي أن يتشربه اللاعب منذ الصغر، مروراً بالمراحل السنية المختلفة، ووصولاً إلى فئة الكبار، بما يترسخ أيضاً داخل عقليته وسلوكه كنهج معيشي متكامل من أكل ونوم وتمارين ثم انضباط داخل وخارج الأسوار.

فهناك نماذج بالإمكان أن نهتدي بسبيلها، مثل اليابان التي أضحت قوة كروية لا يستهان بها، بعدما غيرت نظامها الرياضي جذرياً، وخلال سنوات من العمل والجهد والصبر، لتتحول اليوم إلى عضو شبه دائم في المونديال العالمي، بل صار من الاستحالة غيابها، مثلما أصبحت رقماً لا يسقط بسهولة بين سطور المواجهات الكبيرة.

الاحتراف ليس عقداً ومميزات وشُهرة، بقدر ما هو نظام وأسلوب حياة.

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر