هل أنت من محبي نوم القيلولة؟

د. كمال عبدالملك

لي صديق عزيز يعمل في الإمارات العربية أستاذاً للطب النفسي، اعتدنا أن نلتقي كل مساء للمشي. لا نلتقي إلا بعد السابعة أي بعد قيلولته التي لا تقل عن ساعتين، بعدها ينساب الحديث الممتع بيننا عن الأدب والفلسفة وتجارب الحياة. أمّا إذا فاتته هذه القيلولة، فأجده معتل المزاج، قليل البِشر، كثير الشكوى.

وعندما بدأت في البحث عن القيلولة في الشرق والغرب عرفت أنّ نجيب محفوظ كان، مثل صديقي، معتاداً على نوم القيلولة وأنّه يوم حصوله على جائزة نوبل في الآداب كان مستغرقاً في قيلولته المعتادة.

وعلى مر التاريخ، كان هناك أشخاص بارزون تجنبوا النصيحة المشهورة بثماني ساعات نوم وثماني ساعات عمل وثماني ساعات للعب. يُقال إن مارغريت تاتشر كانت تنام لمدة أربع ساعات فقط في الليلة ويقال إن ماريا كاري، المغنية الأميركية، تحتاج إلى 15 ساعة نوم متواصل كي تكون في أفضل حالاتها. هناك أيضاً قائمة لأشخاص تاريخيين مشهورين وأكثر إثارة للإعجاب من تاتشر وكاري ساعدتهم قيلولة النهار في أعمالهم وإنجازاتهم.

ادعى توماس أديسون، مخترع المصباح الكهربائي، علناً أن النوم هو عدو الإنتاجية. وقال إنه ينام أربع ساعات فقط في الليلة، وبحسب ما ورد طلب الشيء نفسه من موظفيه. ومع ذلك، يبدو أن أديسون لم يكن ملتزماً باليقظة كما كان يدّعي، فهناك العديد من الصور الفوتوغرافية للمبتكر الشهير وهو يأخذ قيلولة متستراً في مواقع مختلفة ويقال إن هناك أسرِّة أطفال مختلفة في مكان عمله ومنزله.

أمّا ليوناردو دافنشي، رسّام عصر النهضة الشهير، فقد كان معتاداً على هذا النمط غير المألوف من النوم، لدرجة أن اسمه في بعض الدوائر مرادف للنوم متعدد الأطوار. يفرض النوم متعدد الأطوار أو جدول نوم Da Vinci على الأشخاص أن يأخذوا عدة قيلولات لمدة 10 دقائق بحيث لا يزيد مجموع النوم على ساعتين في اليوم.

أحبّ ونستون تشرشل القيلولة، وعلى عكس أديسون، كان تشرشل من أشد المؤيدين للنوم والقيلولة. في كتابه The Gathering Storm، وصف رئيس الوزراء في الحرب العالمية الثانية الغفوة بأنها «النسيان المبارك، والذي حتى لو استمر 20 دقيقة فقط ، فهو كاف لتجديد جميع القوى الحيوية».

وعلى غرار نظام السيد تشرشل الصارم، كان جون كنيدي من أشد المؤمنين بقوة بقيلولة بعد الظهر. من الواضح أن زوجته جاكي، التي كانت تنضم دائماً إلى الرئيس في غفوته لمدة ساعة إلى ساعتين، كانت أيضاً من المعجبين، حيث روجت لهذه العادة لخليفة كنيدي، ليندون جونسون. أمّا نابليون بونابرت، فقد صرّح بالإرشادات التالية بشأن ساعات النوم: «ست للرجل، وسبع للمرأة، وثمانٍ للأحمق». ومع ذلك، كان القائد العسكري الشهير مغرماً بقيلولته. بالإضافة إلى قضاء أيام دون نوم وتكريس نفسه للقضية العسكرية، كان نابليون يمكن أن يغفو وقتما شاء، ويقال إنّه كان ينام قبل المعارك وأحياناً أثناء المعارك.

وكان الرسّام سلفادور دالي يجلس وبيده مفتاح تحته لوحة معدنية ويستيقظ بمجرد أن يخفف من قبضته مع النوم ويسقط المفتاح على اللوحة المعدنية محدثاً صوتاً عالياً. وهذه التقنية الإسبانية الغريبة سمحت له بالحصول على كل النوم الذي شعر أنه بحاجة إليه لتنشيط الطاقة الإبداعية داخله والعودة إلى اللوحة القماشية.

فهل أنت من محبي نوم القيلولة؟

باحث زائر في جامعة هارفارد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر