بين الصدارة والجدارة

يوسف الأحمد

بين الصدارة والجدارة خيط رفيع.. فلا يمكن أن تستحوذ على الأولى دون الثانية والعكس صحيح، حيث إن التواجد والتربع على كرسي الصدارة - ولو مؤقتاً - ليس بالأمر اليسير، كما أنه لم يأت من فراغ أو من تمريرة حظ بين الأقدام، فالوصول لها نتاج تخطيط وعمل وجهد وتضحيات، مثلما أن المحافظة على القمة والبقاء في حيزها أمر شاق وصعب يستلزم قتالاً ومقاومة للأضداد والمنافسين، الذين يتحينون الفرصة للانقضاض عليها والإطاحة بمن هو على رأسها.

ولا خلاف أن اعتلاء الصدارة يمر بمراحل متعددة وأدوار متبادلة، مثل تبادل لعبة الكراسي الموسيقية التي يتشبث بكرسيها الأذكى والأطول نفساً ممن يُحسن ويُتقن توزيع الجهد والتركيز بدهاء وغفلة عن الجميع. فالحديث هنا ليس عن الوصل أو الشارقة ومن في فلكهما، وإنما كل من بدأ يناور ويلعب عند خط الستة لمربع الكبار، فهناك من يرى أنه جدير بهذا المبتغى من أجل الفوز به عند نهاية المطاف، والآخر يؤمن بأنه بطل متوج مع الوقت، بل يعتقد أن في ناصيته ختم البطل ويدرك أيضاً مع مرور وتعاقب الجولات ستتبدل المواقع وستسقط أسماء ثم يأتي بكبريائه لاعتلاء الكرسي الذي يرى أنه الأحق به، عطفاً على إرثه القديم بالبطولة ثم للقدرة والقوة التي يمتلكها والتي تمنحه ثقة بنفسه لكسب اللقب. ولعل الدوافع قد اجتمعت عند فرق المقدمة التي تجاوزت رهبة وربكة البداية، بعدما نجحت في جاهزيتها وخياراتها التي عملت على تمكينها في هذه المرحلة من الدوري، لتجد نفسها في وضع وحالة متجلية عززت الثقة بقدراتها وأوراقها التي منحتها تميزاً وأفضلية عن الآخرين. صحيح أن البطل سيكون واحداً بين المتنافسين، لكن أن تدخل السباق أطراف عدة متقاربة القوى والمستوى، فهو أمر محمود ومطلوب منذ زمن لرفع تنافسية دورينا وزيادة جاذبيته وإثارته، التي عكستها المناظر الجميلة للمدرجات مع تلك الحشود من الجماهير التي صار حضورها مألوفاً ومبهجاً من خلال تفاعلها الذي أضفى طابعاً وشكلاً جديداً لدورينا، إذ أضحت تُشكل هرموناً تستمد منه الفرق جرعات الثقة والأمل عندما تستنفد حلولها وتُنهك قواها بالمستطيل. لذا قد يكاد يكون من السابق لأوانه الحكم على الفرق، كون المشوار في أولى خطواته ولايزال طويلاً، فمطباته وقساوة تضاريسه غامضة، لكن المسير والوصول إلى خط نهايته يتطلب صلابة وبأساً وصبراً، للثبات عند محيط الصدارة ثم الظفر بلقبها.

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر