النصف المضيء

أمل المنشاوي

نبحث عنهم وقت الضعف والانكسارات، فهم لا يعرفون استسلاماً لهزيمة أو انحناءة للريح، نُعري ضعفنا أمامهم بلا خجل، ثقة منا بنبل أخلاقهم واستيعابهم، نلقي على بابهم المشرع دوماً على الأمل المخاوف والهواجس، بحثاً عن الهدوء والطمأنينة بأن كل شيء بقدر.

يدركون بإيمانهم القوي وبصيرتهم النافذة الحكمة الأبدية من وجودنا على الأرض، يوقنون بأن هناك دوراً ومهمة لابد من إنجازها، بناءً وإعماراً للأرض وفعلاً للخير حتى الرمق الأخير.

يتوقعون كل فجر يوماً أفضل ونجاحاً جديداً، فيملؤون الكون من حولهم بهجة وعطاءً وجهداً يمتد مهما قصر العمر.

صحبتهم سعادة، ومشورتهم خير، وجوارهم سكينة للنفس، يتجاوزون المشاكل بالبحث عن الحلول والبدائل، فلا مستحيل أمام صبرهم وجلدهم في مواجهة الصعاب.

طموحهم حد السماء، وعطاؤهم لمن حولهم بلا منّة ولا تفضل، نفوسهم أبيّة عالية فوق الصغائر والمكائد والدسائس، فلا أذية ولا حقد ولا غيرة ولا نظرة إلى ما في يد الغير.

نرى في بشاشة وجوههم حسن الظن بالله تعالى وخيرية أقداره، ونأنس لراحة الفضفضة معهم، وتزول عن كواهلنا جبال الهم والأحزان حين يبادروننا وسط الألم بالنكات والقفشات.

طاقاتهم متفجرة، بعيدون عن السلبية، يُعدلون الأفكار مهما بدت غير صالحة، ويفكرون بعقولهم وقلوبهم وأخلاقهم، فلا تسلق ولا تملق ولا نفاق.

أصحاب ضمائر يقظة، وعادات محمودة، وتواصل فعال مع محيطهم الضيق ومجتمعهم.

هم الإيجابيون، نصف الفكرة المضيء، ونصف المشكلة القابل للحل، ونصف الجملة البديعة التي لا تعترف بكلمة «لو»، والمعنى الآخر الممكن لكلمة مستحيل، ونصف الكوب الممتلئ تفاؤلاً وإقبالاً على الناس والأشياء.

الإيجابيون، في محيط العائلة والعمل والأصدقاء والجيران، هم عطايا ومنح ربانية عظيمة، نلتقيهم وتتآلف أرواحنا معهم على قدر ما نحمل نحن من خير ونوايا طيبة وحب الخير للجميع.

الإيجابيون، مرهفو الحس، رفيعو الإحساس بجمال الطبيعة ورونقها، يحبون بإخلاص وتفانٍ، يتقنون مهنتهم، ويبدعون في تطوير ذاتهم، لكنهم أيضاً واقعيون بقدر ما يعرفون أن الطريق وعرة لإيمانهم بقدرتهم على تجاوز العقبات، فهم دون غيرهم، النصف المضيء للحياة.

في محيط العائلة والعمل والأصدقاء والجيران، هم عطايا ومنح ربانية عظيمة، نلتقيهم وتتآلف أرواحنا معهم على قدر ما نحمل نحن من خير ونوايا طيبة وحب الخير للجميع.

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر