فن وثقافة التنفيذ

الدكتور علاء جراد

لاشك أننا نعرف على الأقل شخصاً أو بعض الأشخاص الناجحين في عملهم، والذين وصلوا لمناصب قيادية وربما في وقت قصير، بالطبع هناك أسباب عديدة للنجاح والترقي الوظيفي، وكذلك هناك أسباب عديدة لنجاح الشركات ومؤسسات الأعمال أيضاً، ولكنّ واحداً من تلك الأسباب هو «التنفيذ»، وهو القيام بتنفيذ الخطط والاستراتيجيات كما ينبغي، والبعد عن التكاسل وانتحال الأعذار، والبحث الدائم عن حلول للتغلب على معوقات التنفيذ التي نمر بها، سواء الأفراد والمؤسسات، ولا يمكن لأي شركة الوفاء بالتزاماتها أو التكيف بشكل جيد مع التغيير ما لم يمارس جميع العاملين والقادة في تلك الشركة نظام التنفيذ على جميع المستويات.

يجب أن يكون التنفيذ جزءاً من استراتيجية الشركة وأهدافها، ففي معظم الحالات التي تفشل فيها الاستراتيجية نجد أن التقصير والتراخي في التنفيذ هو الحلقة المفقودة بين المستهدفات والنتائج. وبالتالي يجب أن يكون التنفيذ بمثابة المهمة الرئيسة والوظيفة الأولى للقادة والمديرين. ماذا لو أننا لا نتقن فن التنفيذ؟ للأسف سيظل هناك مجهودات كبيرة في الاتجاه الخطأ، ولن تؤدي للنتائج المرجوة. لقد أصبحت مهارة وإتقان فن أو أسلوب «التنفيذ» من ضمن المهارات الأساسية للقادة والأفراد الناجحين، لدرجة أن الرابطة الوطنية لمديري الشركات في الولايات المتحدة الأميركية قد أضافته إلى قائمة العناصر التي يحتاج المديرون إلى التركيز عليها في تقييم أدائهم، حيث ترى الرابطة إنه يتعين على المديرين أن يسألوا أنفسهم عن مدى جودة التنفيذ، وما الذي يفسر أي فجوة بين التوقعات وأداء الإدارة؟ لكن على الرغم من كل الحديث عن التنفيذ لا يكاد أحد يعرف ما هو بدقة، حيث يعتقد المديرون أنهم يعرفون ما هو، وغالباً هناك إجماع على أنه يتعلق بإنجاز الأمور.

يشير كتاب «التنفيذ» للمؤلفين «لاري بوسيدي» و«رام شاران» إلى أن فهم التنفيذ يرتبط بثلاثة مبادئ يجب أخذها في الاعتبار، وهي أن التنفيذ هو نظام وجزء لا يتجزأ من الاستراتيجية، إنه الوظيفة الرئيسة لقائد الأعمال أو المدير الفعال، ويجب أن يكون التنفيذ عنصراً أساسياً في المؤسسة ومرتبط بالثقافة المؤسسية. وتعتبر الإجراءات التنفيذية هي جزء من عملية التنفيذ، لكن التنفيذ ليس مجرد إجراءات بل هو أمر استراتيجي، فالتنفيذ هو عملية منهجية تغذي العمل الدؤوب والمتابعة المستمرة ولابد لنجاح التنفيذ من وضع معايير واضحة للأداء وارتباط الأداء بمنظومة تقدير للجهود والحوافز والمساءلة في الوقت نفسه.

ولابد كذلك من فهم بيئة العمل المحيطة بالمؤسسة وكذلك فهم القدرات الداخلية وتقييم قدرات المؤسسة ككل وربط الاستراتيجية بالعمليات والأشخاص الذين سينفذون تلك الاستراتيجية، والتأكد من أن هؤلاء الأشخاص لديهم التخصصات والمهارات المختلفة، ورفع مستوى قدرات المؤسسة والعاملين لمواجهة تحديات استراتيجية طموحة. إن السبب الأساسي لعدم تمكن الكثيرين من التنفيذ هو عدم الواقعية وعدم فهم القدرات الحقيقية قبل الالتزام بأهداف كبيرة، وهذا ما كان يتميز به أسلوب جاك ويلش في الإدارة، قوته وصراحته، وقد نجح في فرض الواقعية على جميع إدارات جنرال إلكتريك، ما جعلها نموذجاً لثقافة التنفيذ.

• التنفيذ هو عملية منهجية تغذي العمل الدؤوب والمتابعة المستمرة، ولابد لنجاح التنفيذ من وضع معايير واضحة للأداء.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر