أثلجتم صدورنا

أمل المنشاوي

تأبى النفس السوية فكرة التعايش معه أو حتى الصمت عنه، وتحاربنا في قبوله فطرة الحياة التي فطر الله الخلق عليها حتى ولو كان ما يحدث بعيداً عنا.

تُفزعنا ألوانه وخفي مقصده وتسلله المقيت لبراءة أطفالنا وشبابنا عبر فضاء لم يعد بوسع أحد كبح تمدده أو السيطرة عليه.

تُحرمه الأديان وتُنازعنا فيه الضمائر ويلفظه منطق الأشياء، ويعلم القاصي والداني تدميره للبدن وللصحة النفسية وبالغ أثره السلبي على استقامة الأسر وتماسك الأمم وتواتر الأجيال.

لا مبرر له ولا يناسبه وصفٌ إلا أنه مجون وسلوك شاذ وخروج عن طبيعة الكون، واستثناء بغيض انتهى على مر الزمان لكن بعد عذاب وهلاك أهله، فالنهايات يحفظها التاريخ جيداً وقوانين الله جلية واضحة عنوانها «وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».

لا نستوعبه أبداً حقاً إنسانياً أو مرضاً نفسياً أو تغيراً هرمونياً أو غيرها من تلك المسميات التي يكمن فيها شر عظيم وإفساد للنوع الإنساني، وتعدٍّ صارخ على تكوين البشرية الذي هو صنع الله الذي أتقن كل شيء خلقه.

رسالة أثلجت صدورنا تلك التي أعلنتها دولة الإمارات أمس ممثلة في هيئة تنظيم الاتصالات حين طلبت من منصة «نتفليكس» إزالة «المحتوى المخالف للضوابط في الدولة والمتعارض مع القيم المجتمعية، خصوصاً المحتوى الموجّه للأطفال»، وذلك بالتزامن مع طلب مماثل تقدم به مسؤولو الإعلام الإلكتروني بدول مجلس التعاون.

لدينا مجتمعات متماسكة أساسها الأسرة التي تأسست على الفطرة السوية وشكل واحد ووحيد لها، أب وأم وأبناء وأحفاد ذرية بعضها من بعض، نتوارث حب الله والوطن والأهل، ونعرف دورنا في أرض أراد لها المولى عز وجل أن تعمر ببني الإنسان منذ خلق آدم وحواء عليهما السلام، لذا لا عجب أن جاء الرفض جارفاً لكل ما يدعم الشذوذ حول العالم ويروج له ويقبله أو يتعاطف معه.

نعم، نرفض جميعاً كل السلوكيات الشاذة والغريبة عن مجتمعاتنا، بكل ما أوتينا من يقين بفطرة الله التي تمنحنا الأمان والطهر والصحة النفسية والبدنية، نرفض مهما اشتد التيار وتلاشت الحدود والفواصل في العالم، ففطرة الله ستظل القاعدة وما دونها استثناء منبوذ.

يبقى أن نظل كتفاً بكتف الدولة ونراقب عن كثب فلذات أكبادنا ونحميهم بسياج الدين والأخلاق، فمازال عودهم غضاً لم يشتد بعد، ولا قدرة كافية لديهم على استيعاب ما يحدث، فالرسالة مسمومة وتتخفى في كل ما هو محبب للأطفال والشباب من موسيقى ومسلسلات كرتونية وأفلام، وأسوأ ما تتركه هذه الوسائل أنها تخلق تعاطفاً مع هذه الفئة أخشى أن يتحول بمرور الوقت إلى قبول وتعايش بلا استهجان أو رفض.

رسالة أثلجت صدورنا أعلنتها دولة الإمارات ممثلة في هيئة تنظيم الاتصالات.

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر