مقال

قلق

عبدالله القمزي

جلس المدير التنفيذي لشركة تصنيع صابون في غرفة الاجتماع بانتظار حضور الفريق التسويقي. وكان المقرر أن يناقشوا أسباب فشل منتَجهم الجديد في السوق. لم يكن اجتماعاً مثمراً، وكل شخص يلوم الآخر.

انتهى الاجتماع دون نتيجة، وخرج المدير وهو يشعر بحالة قلق شديد، إذ إن أحد الأهداف التي وضعها لم يتحقق، وبالتالي لن يصلوا إلى نسبة الربح المتوقعة بنهاية العام، كما وضعوا في الخطة الاستراتيجية.

قاد سيارته إلى منزله وهو لا يعرف كيف سيعترف بالفشل أمام مجلس إدارة الشركة بعد أسبوعين فقط. دخل منزله ورأى ابنيه يلعبان بالكرة. استأذن الابن الأصغر أباه أن يلعب في فناء المنزل، فرفض الأب وقال ليس الآن. نتناول الغداء أولاً.

دخل الرجل الحمام وعندما خرج ذهب إلى غرفة الطعام فلم يجد أحداً. تضايق بشدة، خصوصاً أنه يبحث عن تبريرات لفشل الصابونة الجديدة ليشرحها أمام مجلس الإدارة.

ذهب الرجل إلى الصالة ليستدعي أبناءه لغرفة الطعام، فوجد باب الصالة المؤدي إلى الخارج غير مغلق بإحكام، ما يعني أن ابنيه خرجا للّعب في الفناء.

استشاط غضباً وذهب إلى الفناء ودار حول المنزل مرتين فلم يجد أحداً. جن جنونه وخرج من المنزل إلى الشارع فلم يجد أحداً. عاد إلى المنزل وأخذ يصرخ باسمَي ابنيه، فسمعته زوجته وقالت له إنهما معها في غرفة النوم. دخل عليهما ونهرهما لخروجهما للّعب في فناء المنزل.

فقالت زوجته لم يخرجا، لقد كانا هنا منذ دخولي المنزل. فقال الرجل بل خرجا لأن باب الصالة كان مفتوحاً بعض الشيء، فقالت زوجته أنا فتحته ولم أتمكن من إغلاقه جيداً لأن أمي اتصلت بي.

قالت الزوجة: اهدأ لِمَ أنت غاضب من شيء لم يفعلاه أصلاً. أثناء تناول الطعام كان الحساء ساخناً جداً. ومن شدة قلقه وضع الملعقة في فمه دون أن يشعر وتألم من شدة الحرارة وانفجر في زوجته واتهمها بالمبالغة في تسخين الطعام.

بعد أسبوعين، وعند عرض التقرير السنوي أمام مجلس إدارة الشركة، دخل المدير التنفيذي غرفة الاجتماعات متوتراً، فهو لم ينم الليلة السابقة لأنه مقبل على اعترافه بفشل الصابونة الجديدة.

وجد المدير كل الأعضاء مبتسمين في وجهه، ونهض رئيس المجلس من مقعده وربت على كتف المدير قائلاً: أحسنت بإطلاق المنتَج الجديد، لقد أعجبني كثيراً.

دهش المدير وقال لكن خطة التسويق لم تعمل كما يجب. فقال الرئيس لا يهم، المنتج ممتاز وبجودة عالية وأعجبنا جميعاً في المجلس. أما خطة التسويق فبإمكانك إعادة ضبطها.

عبرة

قبل تقديم العرض تذكّر المدير حالة القلق الشديد التي انتابته قبل أسبوعين وكيف وبّخ ابنيه لمجرد أنه تخيّل خروجهما إلى فناء المنزل، وكيف غضب على زوجته بلا مبرر. القلق وكثرة التفكير في أمر يخلق لك مشكلات وهمية غير موجودة أمامك. وما قد تراه أنت فشلاً يكون نجاحاً جزئياً في نظر الآخرين. القلق يولد الوسواس، وهو من سوء الظن بالله.

فاستعذ بالله منه فإنه لن يزيدك إلّا قلقاً وهموماً. القلق وكثرة التفكير في أمر يخلق لك مشكلات وهمية غير موجودة أمامك.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

@abdulla_AlQemzi 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر