معضلة التوظيف والتعيين

محمد سالم آل علي

يعدّ التوظيف المدروس ركيزة ثابتة لنجاح أي مؤسسة، وفريق العمل المتناغم هو دائماً صاحب القول الفصل، سواء كان ذلك في أعلى المهام الإدارية أو في أبسط الواجبات التنفيذية؛ لأنه حينها تصبح المؤسسة كُلاً متكاملاً يعمل وفق الخطط والتعليمات، فلا عقبات أمام مسيرة النمو ولا شيء يحول بين الرؤى والمستهدفات.

ولكي يتحقق ذلك لابد من وجود استراتيجية واضحة عند التعيين واختيار المرشحين، ومن ثم حين وضعهم في الأدوار المناسبة حسب ما تقتضيه مصالح المؤسسة؛ وتلك خطوات صعبة لأي قسم من أقسام الموارد البشرية مهما كان لديه من خبرة وتَمَرّس.

ولتبرير هذه الصعوبة لابد من سرد بعض التحديات المرتبطة بها، ولعل في مقدمتها فهم حاجة المؤسسة الفعلية للتوظيف، وهل هي في مرحلة نمو يتطلب المزيد من الكوادر، أم أنها تمر بمرحلة تذبذب في جودة الخدمة وتحتاج إلى النهوض بها بأسرع ما يمكن؛ فإن انتهت تلك الخطوة تلتها عملية استقطاب أفضل المرشحين، وهي ترتبط بمدى مهارة مديري التوظيف، إضافة إلى السمعة المؤسسية والآليات المتبعة من أجل الإعلان عن الوظيفة؛ ولا يقل أهمية عن ذلك عوامل التصفية والتحقق من السيَر الذاتية وصولاً إلى المقابلات الشخصية التي تتطلب كل الخبرة والبراعة من القائمين عليها؛ فحتى أقوى مسؤولي الموارد البشرية يعجزون أحياناً عن استقراء جميع سمات المرشح وفك رموز التباين ما بين كيفية ظهوره في المقابلة وبين شخصيته الحقيقية التي ستظهر لاحقاً بمجرد انضمامه إلى الفريق.

وأستطرد هنا بأني لا أضيف جديداً بقدر ما أقدم بعض النصائح العامة التي تفيد في هذا الشأن، فلا وصفة واحدة للحل، ولا يمكن الخوض بذلك وحتى بعشرات المقالات؛ إلا أنه يمكنني سرد بعض الأولويات، ومنها عدم التسرع باتخاذ قرار التوظيف، لأن الوظائف الشاغرة وإن كانت تكلفك الأموال وتؤخر العمليات، إلا أن التوظيف السيئ يكلفك أكثر على المدى الطويل، ويحرمك أيضاً من أفضل المرشحين؛ وإذا واجهتك يوماً مشكلة المفاضلة بين المهارات والسمات الشخصية عند اتخاذ القرار، فأنصحك بألا تكون منحازاً بشكل كامل إلى المهارات والخبرات لمجرد أنك تريد شخصاً جاهزاً للعمل سريع الإنتاجية، بل ركز على السمات الشخصية الإيجابية لأنها الأساس لبناء عمل ناجح تسوده العلاقات المتينة، فالخبرات والمهارات يمكن اكتسابها بمرور الوقت، أما تغيير السمات الشخصية فهو من المستحيلات؛ ولعل الحل هنا يتمثل في إيجاد المزيج الصحيح، وأن تقوم بتوظيف من يمتلكون المهارات والخبرة بجانب الشخصية والأخلاق.

ومن أهم العوامل برأيي هو الحيادية بالتوظيف، أي عليك تجاوز الاعتبارات المسبقة والتحيّزات اللاواعية بهدف توفير الفرص المتساوية أمام الجميع، وهكذا فإنك ستستفيد من التأثيرات الإيجابية للتنوع وستلاقي حتماً أصحاب الجدارة والاستحقاق.

وعليك أيضاً البدء بالاستفادة من تقنيات العصر واستخدام خيارات التوظيف الذكية المستندة إلى علم البيانات، ولاسيما تحليل البيانات المجمعة وتتبع مخرجاتها في سبيل وضع قائمة مصغرة بأنسب المتقدمين، طبعاً بعد إدخال مقاييس التوظيف؛ ولا تنسَ أيضاً الاستعانة بالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في بناء السمعة المؤسسية القادرة على جذب أفضل الكفاءات.

وفي الختام أنصحك بأن تبحث أولاً عن المواهب الموجودة فعلاً في مؤسستك، وأن تقابلهم من جديد مزوداً إياهم بكلمات من الدعم والتحفيز، جنباً إلى جنب مع المزيد من الصلاحيات وبعض التوجيه؛ فمن يدري لعلك اليوم وجدت ضالتك وحققت المراد، بل إنك حينها نجحت فعلاً وحللت معضلة التوظيف.

مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر