مساحة ود

لا تتوقف

أمل المنشاوي

تبدو أمامنا في بداية العمر ممتدةً نحو مجهول ٍغامض، مظلمةً وقت الضجر، خاويةً من حولنا في الليالي الموحشة.

تُسقطنا عثراتها وكبواتها مراتٍ ومرات، وتؤلمنا أشواكها كعادتها، فما كانت أبداً ممهّدةً لأحد، فلكلٍّ منا حظ من أوجاعها.

نمر بها عابرين طال زماننا أو قصر، لكنها تفسح المسير والوصول لأولئك الذين يمتثلون لقوانينها التي وضعها الله فيها، سعياً وعملاً دؤوباً وجهداً حقيقياً لا يعترف بالفشل.

إنها الطريق، طريق الحياة ورحلتها، تلك التي نرسمها في خيالنا الحالم صغاراً، واحةً مزهرةً ووروداً فواحةً ونسيماً نقياً، ثم نختبر حقيقتها بمرور الأيام لندرك أنها رسالة ومسؤولية وحمل ثقيل.

تلك الطريق التي نتوقف على هامشها وخارج نظامها كلما ضاق بنا العالم وأتعبتنا الأيام، ونتساءل متى يتحقق المراد؟ وأين نجد الراحة بعد كل هذا العناء؟ هي نفسها التي تجزل لنا العطاء والمنح بعد كل كفاح ومع كل إنجاز.

طريق الحياة، تُشكل ملامح مستقبل كلٍّ منا قدر ما يقدم من صبر وتعب بعدل سماوي فريد، يعطي لكلٍّ منا نصيبه من النجاح أو الفشل وفق مبدأ أزلي وتنزيل إلهي عنوانه «وأن ليس للإنسان إلّا ما سعى».

لذا فلا عجب أن ينجح أناس ويتقدمون الواجهة، ويتراجع آخرون خلف التكاسل والتشاؤم والشكوى الدائمة.

طريق الحياة تُعلمنا أن التوقف والتذمر ومطالعة حظوظ الآخرين، مضيعة للوقت وللفرص، فلكل منا مساره المقدر والمناسب له والأفضل لظروفه وإمكاناته، شريطة أن نؤدي دورنا المطلوب على أكمل وجه.

تلك الطريق نفسها التي تقوي إرادتنا بالعثرات وتعلي إصرارنا بالسقوط حتى نحقق ما نريد، تنتظر منا مواصلة السعي والبقاء قرب جادتها وعدم الانحراف.

طريق الحياة تُراكم خبراتنا وتثقلها وتنقيها كجواهر ثمينة، يحتاجها بشدة جيل الأبناء وسط عالم سريع التقلب والتغير لا يشبه عالمنا، لكنه يحتاج إلى القيم والمبادئ ذاتها لضمان وصولهم بسلام.

نحتاج إلى أن نخبر أنفسنا وأبناءنا، أن الحياة قصيرة لكنها قيّمة، وفي طريقها الكثير من الخير الذي يمكن فعله مهما اشتدت الصعاب، وبين طيات التعب والجهد فيها، تكمن رسالة إعمار الأرض لنا ولمن بعدنا، نحتاج إلى أن نلملم ما يتبعثر منا سريعاً بعد كل مشكلة أو ضائقة ونواصل المسير بلا توقف، فهو السبيل الوحيد للوصول.

• طريق الحياة، تُشكل ملامح مستقبل كلٍّ منا قدر ما يقدّم من صبر وتعب بعدل سماوي فريد.

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر