5 دقائق

من النادي ونحو المنتدى

محمد سالم آل علي

لقد حظي نادي الموارد البشرية الذي أطلقته الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية في عام 2010 بوافر الإقبال والاهتمام، فمنتسبوه اليوم أكثر من 12 ألفاً من داخل الدولة وخارجها، وهم في ازدياد وتصاعد مستمر تكريساً لهذا التفوق والنجاح، كما أن الجلسات الدورية التي عقدها استضافت من الخبراء والمختصين أهمهم، ومن أصحاب الشأن أكثرهم علماً وحصافة، ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما إقليمياً وعالمياً أيضاً، حتى بلغ عدد المتابعين لجلساته الافتراضية في عام 2021 نحو 43 ألفاً اطلعوا على آخر المستجدات والابتكارات في هذا القطاع الحيوي.

إن هذا النجاح ما هو إلا ترجمة لمُسلَّمَة جوهرية مفادها أن التنمية المستدامة مسؤولية مشتركة بين القطاعين الحكومي والخاص، وهذا ما أكدته التوجهات الرشيدة حين ركزت اهتمامها على القطاع الخاص لما يتمتع به من إمكانات ومقومات، فنجاح هذا القطاع وازدهاره سيعني حتماً ارتقاء بالاقتصاد، ومزيداً من فرص العمل، وطبعاً ارتفاعاً في مستويات الدخل.

ومن الجليّ اليوم أن دولة الإمارات نجحت في تعزيز مكانتها الريادية وجهة مثلى لجذب الاستثمارات، وبيئة تنافسية تُعد الأكثر تميزاً من بين دول العالم، وهي اليوم تضم أكثر من 600 ألف شركة مسجلة عبر الدوائر الاقتصادية المحلية في مختلف الإمارات، يقابلها ما يقارب الـ100 ألف شركة تعمل في المناطق الحرة المنتشرة في جميع أنحاء الدولة، وهي شركات لديها كلها عمال وموظفون، ما يُبرز الدور الأهم الذي يلعبه النادي في تحقيق الاستقرار وتعزيز الإنتاجية، خصوصاً أن الكثير من تلك الشركات يفتقر إلى أقسام مستقلة للموارد البشرية، والتي حتى وإن وجدت فلابد أن يحتاج مديروها للكثير من المشورة والعون في سبيل تحقيق النجاح وريادة الأعمال.

لاشك أن تجارب الإمارات الناجحة ما هي إلا هدية لكل دول العالم، وفكرة نادي الموارد البشرية يمكن تطبيقها في العديد من البلدان، بل يمكن التوسّع فيها لتتحول من نادٍ لمنتدى يوفر جميع خدمات الموارد البشرية عند الطلب، سواء كان ذلك على شكل استشارات واستفسارات، أو في صورة دراسات وأبحاث، وذلك من خلال فريق متمكن يضم أكفأ الإداريين والقانونيين لتولي الإجابات، بالإضافة إلى باحثين متخصصين لإجراء الدراسات الاستقصائية عن أحوال مؤسسات بعينها رصداً للخلل وتوفيراً للحلول.

ولن يقتصر الأمر على ذلك، فالمنتدى سيقدم أيضاً الجلسات والمحاضرات، وسيعقد ورشات العمل المتخصصة التي تعزز القدرة على حل المواقف ومجابهة التحولات، وسيقوم أيضاً بتصميم الاختبارات الخاصة وقياس مخرجاتها، كإجراء مسابقات التوظيف التي تحاكي الواقع وتقييمها، ومحاكاة سيناريوهات الأزمات الوظيفية وتداعياتها، وأيضاً افتراض المشكلات القانونية التي قد يتسبب فيها الموظفون والبحث عن أفضل الطرق لمعالجتها، وغيرها الكثير من وسائل التدريب وصولاً إلى أعلى مستويات الأداء.

وهو يفتح الباب واسعاً أمام الاستفادة من تقنيات العصر ومجالاتها الواسعة، فبيانات منظومة الموارد البشرية هي بيانات ضخمة وتحتاج إلى الكثير من المعالجة والتحليل، والذكاء الاصطناعي سيكون حاضراً على شكل تطبيق إلكتروني يعالج السيناريوهات ويجيب عن التساؤلات.

إن هذا المنتدى المقترح ما هو إلا استلهام من نادي الموارد البشرية وألق نجاحاته، وهو يحتاج كي يمتاز ويرتقي إلى تركيبة مؤسسية تُميزها الحوكمة والكفاءة الإدارية، وتتوافر فيها البنية التحتية التقنية عالية المواصفات، كما أن وجود المقر المناسب الذي يتسم بأفضل التصاميم وأكثرها عصرية سيجعل من هذا المنتدى محفلاً ومجمعاً يأتيه الناس من كل حدب وصوب بحثاً عن الدعم المؤسسي بكل ما يخص الموارد البشرية وتشعباتها المتنوعة.

مؤسس سهيل للحلول الذكية 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر