وقت.. ما أعظمه

يأتي كل يوم مصطحباً معه بدايةً جديدةً وفرصةً أخرى ممكنة، وأملاً قريب المنال.. يطرق أبواب المستيقظين، ويشفق على الغافلين كيف فاتهم كل هذا الخير، ينشر في النفوس إحساساً مفعماً بالحب، لكونٍ فسيح تتجلى فيه عظمة الخالق البديع، ويُهدئ القلق، ويُطيّب الخواطر، ويُرمم جراح الأمس الموجعة.

في سكينته فيضٌ إلهي وسرٌّ عجيب، وفي سكونه هدوء يعالج التوترات والانكسارات، ويكتب على صفحة اليوم: «لا شيء يدوم.. ولا مشكلة بلا حل».

في نوره المنبثق من عتمة الليل آية وبشارة بأن الألم لابد أن ينتهي، وأن جوائز السماء تتوالى بعد كل طريق موحشة شائكة.

نشعر معه ببركة في الوقت والرزق، وتتسع به الصدور هواءً نقياً لم تلوثه ضوضاء المدينة وصخبها بعد، وتستمد منه الأبدان عافيتها، وتبتسم له الوجوه تيمناً، وتحسن استقباله الأرواح فما أطيبه، وقد أقسم الله به.

إنه الفجر.. موعد يومي مع السعادة وراحة للنفس، وتحصين للجسد من الكسل والخمول، ومفتاح من مفاتيح النجاح في الدنيا والآخرة.

ما أعظمه وقتاً، ذاك الذي تغدو فيه الطيور، وتتفتح مع بزوغه مسام الكون، وينشر الورد شذاه هبة وعطية بلا مقابل.

ما أعظمه وقتاً ذاك الذي يحمل خير اليوم كله بين جنباته، ويشهد تقسيمه على الخلائق بعدل إله دائم الفضل قديم الإحسان!

ما أعظمه وقتاً، ذاك الذي يوقظ فينا كل يوم ذكريات طقوس أمهاتنا وجداتنا، صلواتهن ودعائهن للجميع بالبركة، رائحة خبزهن الطازج وأكواب الشاي وطعم فطور مازال، رغم السنين، عالقاً في الحلق!

ما أعظمه وقتاً، ذاك الذي ينشر خيره على الجميع بلا تمييز، ليعلمنا أن قيمة الإنسان في عمله وعطائه لمن حوله، وأن الفرص والبدايات الجديدة أبداً لا تنتهي!

ما أعظمه وقتاً، نحتاج إلى أن نستقبله كل يوم ونعوّد أنفسنا وأبناءنا على أهميته وقدسيته في العمر، فمن فاته وقت الفجر فاتته بركة اليوم وسعة الرزق!

تغيرت عادات النوم والاستيقاظ كثيراً خصوصاً بين الشباب والأطفال، هنا لابد من دور للأسرة في تعويد النشء والشباب على الاستيقاظ مبكراً، وملء يومهم بالنشاط والعمل، وهذا لن يتأتى إلا بالنوم مبكراً، واحترام قوانين الجسد ونظامه الذي خلقه به المولى، عزّ وجلّ.

الفجر سويعات قليلة، تملأ النفوس طاقة إيجابية وحباً للحياة، وإقبالاً على الناس والأشياء، وعمراً جديداً يضاف لأعمارنا، ملؤه الشباب والحيوية.

الفجر سويعات قليلة، تملأ النفوس طاقة إيجابية، وحباً للحياة، وإقبالاً على الناس والأشياء، وعمراً جديداً يضاف لأعمارنا، ملؤه الشباب والحيوية.

@amalalmenshawi 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.