خارج الصندوق

المفهوم الخاطئ للمنافسة بالقطاع العقاري

إسماعيل الحمادي

أن تكون مؤثراً في مجال العقارات ليس أمراً سهلاً، وفي الوقت نفسه ليس بالأمر الصعب. من السهل أن تخلق لنفسك منافساً لتتحدى نفسك والواقع وتثبت وجودك في مجالك، وتأثيرك في الآخرين، لكن من غير المهنية أن تخلط بين المنافسة والتقليد، المنافسة هي أن تبحث وتكتشف النقائص الموجودة في منافسك وتستغلها لصالحك، لا أن تحذو حذوه. الطامة إذا لم تكن فاهماً لمجال عملك ولما يفعله منافسك وتظل تقتفي أثره في كل صغيرة وكبيرة. ربما أخطأ يوماً فتعيد أنت الخطأ نفسه! والسبب أنك لست فاهماً لمجالك. أن تكون مؤثراً وأن تصنع لنفسك مكانة في السوق، يجب أن تكون فاهماً ومتعمقاً في مجال عملك، باحثاً عن الجديد فيه، واعياً بما تقوله وتفعله، أن تضيف جديداً لمهنتك وتعمل على تطويرها، لا أن تتبع خطوات الآخرين وتفعل ما يفعلونه وتقول ما يقولونه وأنت لست فاهماً. مثلك مثل الببغاء يعيد كل كلمة يسمعها.

على مستوى كل النشاطات العقارية ستجد واحداً أو 2% هم من يجتهدون في البحث والتعمق وتوفير المعلومة والمنتج المتفرد للعملاء بالسوق، أما الباقي فكل يعمل على أثر الآخر. التقليد الأعمى يجعل السوق عقيمة من حيث كمية المعلومات والأفكار والمنتجات والخدمات. إذا جئنا لمجال التطوير العقاري، فلنا أمثلة كثيرة في عملية نسخ ولصق المنتجات العقارية وهذا ما خلق فجوة في السوق بوجود منتجات متشابهة أثرت في الطلب في مراحل سابقة وتسببت في فشل العديد من المستثمرين والملاك في الاستفادة من عقاراتهم. وكل هذا كان بسبب الفهم الخاطئ للمنافسة، مطور فلاني طرح مشروعاً ونجح، أطرح أنا فكرة المشروع نفسه لكي أنجح، ضارباً عرض الحائط بعدة معطيات وعوامل قد تؤثر في مشروعه، وهذا ما تسبب في تخمة للقطاع في مرحلة ما، إلى أن تم تشكيل لجنة عليا للتخطيط العقاري سنة 2019 لإعادة ضبط المشروعات العقارية وفق استراتيجية واضحة ومدروسة، تركز على دراسة احتياجات السوق وعدم تكرارها وتجنّب منافسة المطورين الكبار لصغار المستثمرين من القطاع الخاص، والنتيجة هي ما نراه اليوم في مختلف المشروعات الجديدة المطروحة، حيث التميز والتفرد هو السمة لكل مشروع.

في مجال الأنشطة العقارية الأخرى كالوساطة والاستشارات والتسويق وصناعة المحتوى العقاري، المعلومات نفسها نراها تتكرر من شخص لآخر، أحياناً يخيل لك أنها عملية سرقة علنية، يتبناها البعض وينسبها لنفسه، كم من صانع محتوى عقاري نراه اليوم لا يأتي بجديد سوى تقليد منافس آخر، والمضحك أنه معتز كثيراً بما يفعله، الأمر الذي جعل نطاق المعلومة العقارية محدوداً ومتكرراً ولا يعود بفائدة على من يحتاج هذه المعلومة.

يجب أن نفهم أن تكرار المعلومة، جزء من شح المعلومة، وأن تكون مؤثراً وتسعى لصنع مكانة لك في مجال ما بالقطاع العقاري يجب أن تكون مبادراً، باحثاً وفاهماً لمجال عملك، إما أن تضيف قيمة جديدة يستفيد منها الجميع أو تعمل في صمت. ربما يحتاج الأمر لخلق لجنة مراقبة لغربلة المعلومات العقارية في السوق ومحاربة تكرارها وتوجيه آليات المنافسة بدلاً من التقليد الأعمى.. لمَ لا؟

التقليد الأعمى يجعل السوق عقيمة من حيث كمية المعلومات والأفكار والمنتجات والخدمات. 

 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر