مساحة ود

لنجعله مختلفاً

أمل المنشاوي

كم كان مبهجاً وحالماً، يأتي حاملاً نسائم عبقة، وضحكات من القلب، وسمر حتى الفجر، يجمع البعيد ويعيد المغترب، ويرمم إجهاد العمل والدراسة.

فرصة ذهبية للتنقل بين خيال القصص الحائرة حتى آخر سطر ومناسبة عظيمة للاحتفالات والأفراح، وموعد مؤكد مع البحر ورماله، ورواء الشوق للأغنيات والمشاعر التي ارتبطت به، وحفرت داخلنا نقشاً من الألم الجميل.

يلوّن أيامنا بألوان شمسه الساطعة نهاراً، ويغدق علينا من هوائه العليل مساء، وينشر عطره آخر الليل لأجل نوم هانئ قرير.

يُشرّع الأبواب والنوافذ بعد شتاء طويل، فيفتح معها القلوب للأمل والتواصل والحب بين الجميع.

يسمح للصبية واليافعين بالعمل، ليشتد العود ويقوى، ويفتح للفتيات عالم الأنوثة وتعلم فنون الطبخ وترتيب المنزل وحسن استقبال الضيف.

هكذا كان الصيف، قبل أن نكيّف طقسه، ونحدد وقته، ونتدخل في فاكهته، ونرفض عطاياه الثمينة من شمس وهواء يشفي الأبدان ويعالج الاكتئاب.

كان الصيف فيما مضى عمراً يتجدد كل عام، وجيراناً وصحبة تعرف كيف تخلق المتعة من بسيط الأشياء.

الآن، اختلف الزمان، وشكل الفصول، وطريقة ترتيب الوقت، نعم أصبح به كثير من الميزات، وكثير من الخيارات، لكن الأهم أن نبقي على كل ما يغذي العقل، ويرمم خواء الروح وضعف البدن، وأخذ راحة من قوقعة التواصل الوهمي.

الصيف بشمسه، وملوحة بحره، وهوائه النقي، أفضل علاج لنا ولأولادنا من كثير من العلل والأوجاع، وبه متسع وبراح للقراءة وتغذية العقل.

الصيف بنهاره الممتد فرصة لتشجيع الشباب والمراهقين على اختبار سوق العمل، والبدء في اكتساب الخبرات، وكيفية التعامل مع الحياة، وسطر أول سابقة لأعمالهم في سيرتهم الذاتية.

الصيف، وإن اختلف عما مضى بالنسبة لأجيال التسعينات وما قبلها، إلا أن الحب والود باق برونقه بين الأهل والجيران والأصدقاء، ويمكن وصله طالما لدينا الوقت.

هنا في الإمارات، فرص متعددة وعظيمة للشباب والفتيات لممارسة الرياضة والقراءة، والعمل خلال فترة الإجازات، فقد تم تخفيض السن المسموح بها للعمل بموافقة ولي الأمر، والمراكز الرياضية والنوادي بالمجان للجميع دون تمييز، ومكتبات القراءة الزاخرة بنوادر الكتب وأمهاتها وحديثها، تتنشر بالقرب منا، وتتيح الاستعارة المجانية حتى ثلاثة أسابيع لـ15 كتاباً.

يبقى أن تشجع الأسر أبناءها، وتجذبهم لصيف مفيد وحقيقي، بعيداً عن عالمهم الافتراضي، وتبادر قبلهم بذلك، ولنجعله جميعاً صيفاً مختلفاً.

الصيف بشمسه وملوحة بحره وهوائه النقي أفضل علاج لنا ولأولادنا من كثير من العلل والأوجاع، وبه متسع وبراح للقراءة وتغذية العقل.

@amalalmenshawi 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر