5 دقائق

العنف ضد المرأة.. حالة أم ظاهرة؟!

د. يوسف الشريف

سمعنا خلال الأيام الماضية عن جرائم بشعة بحق بعض النساء، كجريمة قتل الطالبة الجامعية برصاصات عدة داخل الحرم الجامعي في المملكة الأردنية، أو تلك التي حدثت في جمهورية مصر العربية، عندما قام شاب بقتل فتاة لأنها رفضت الارتباط به، وجريمة القتل التي أقدم عليها زوج بطعن زوجته 14 طعنة، بسبب خلافه معها في دولتنا، قبل أيام، كل هذه الأحداث استهجنها الجمع والمجتمع، لكونها حوادث نادرة في وطننا العربي، والرابط الوحيد بين جميع هذه الأحداث المأساوية هو أنها جرائم عنف ضد المرأة، وهنا نتساءل: هل هذا النوع من العنف حالة خاصة تظهر لدى بعض الرجال المرضى نفسياً، أم هي ظاهرة مجتمعية تستوجب علينا الوقوف عندها وإيجاد حلول لها؟

قد يكون العنف ضد المرأة حالة شاذة، لم ولن تكون يوماً ظاهرة اجتماعية تتسم أو تتصف بها مجتمعاتنا، وما نراه من حين إلى آخر من حوادث أو أحداث نجد فيها عنفاً أو تعنيفاً ضد المرأة ما هي إلا تصرفات فردية شاذة من أشباه الرجال، الذين أرادوا الانتقام أو تفريغ طاقاتهم ضد غريماتهم، ولم يثنهم عن تصرفاتهم لا تعاليم ديننا الحنيف التي أتت لصيانة وحفظ حقوق الإنسان، وحفظ حياته وكرامته، ولم تفرق في هذا الحق بين رجل وامرأة، بل أعطت المرأة حصانة ضد أي اعتداء، وكذلك لم تثنهم ثقافتنا وأخلاقنا المجتمعية وما منحته شريعتنا الغراء للمرأة من حقوق والذود عنها لحمايتها من أي اعتداء، خصوصاً أن جميع دولنا العربية تُعنى بحقوق المرأة وحمايتها من أي عنف يمارس ضدها، مهما كان نوعه أو حجمه، وذلك من خلال القوانين الخاصة التي تُعنى بهذا الموضوع، ومما سبق يمكننا أن نؤكد أن حالات العنف ضد المرأة ما هي إلا حالات فردية شاذة.

لو تفحصنا مجتمعاتنا وكيفية تعاطيها مع المرأة وقيمتها المجتمعية، سنجد أن المرأة لها كيانها الخاص، والجميع متكفل بحمايته وصيانته بأقصى درجات العناية، فلو نزلت إلى الشوارع والميادين والأسواق والمولات، ووجدت أي نوع من أنواع العنف ضد أي امرأة كانت، ستجد ألف رجل يتصدى له، ويقف حامياً للمرأة ومدافعاً عن حقوقها، لأن هذه طبيعتنا المجتمعية، ولو اطلعت على منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد المرأة، حوى في مضمونه تعنيفاً لها، لوجدت الملايين في المقابل يستهجنون هذا التصرف ويرفضونه ويهاجمونه، فالمرأة مُقدّرة ومصونة ضمن أعرافنا وتقاليدنا، بل نحن كمجتمعات عربية بعيدون تمام البعد عما يصوره الغرب عن علاقتنا بالمرأة، لأننا من أكثر شعوب العالم احتراماً لها، ودائماً ما نضعها في أعلى المراتب، ولا أتحدث هنا عن مناصب قيادية فحسب، بل عن مكانة اجتماعية ومجتمعية، فأينما تذهب المرأة نجعلها في المقدمة، ونحاول تقديم التسهيلات لها، سواء في المواصلات أو معاملات الدوائر الحكومية أو في الأسواق، ولو وجدناها بحاجة لمساعدة، سنقدم لها كل العون، لأن هذه أخلاقنا، وهذه عاداتنا. في نهاية حديثي، أود أن أقول للجميع أن يبتعدوا عن المثالية أو الصورة النمطية التي يصورها البعض عن مجتمعاتنا، ولننظر إلى الصورة الكاملة لحال المرأة في مجتمعاتنا، فسنجدها بأبهى صورة، وكل تصرف نجد فيه عنفاً أو إساءة للمرأة، نستهجنه ونرفضه، ونقف كمحامي دفاع عن أي امرأة تتعرض للأذى، وهذا لن تجده في المجتمعات الغربية، مهما كانت درجة الرومانسية التي يريدون تصويرها لنا عن علاقاتهم بالمرأة ومكانتها، إلا أن حقيقة الأمور تحتم علينا أن نعترف بأننا كمجتمع بريء من أي تصرفات شاذة بحق المرأة، ونرفض هذا الأمر جملة وتفصيلاً.

لننظر إلى الصورة الكاملة لحال المرأة في مجتمعاتنا، فسنجدها بأبهى صورة.

twitter.com/dryalsharif

www.ysalc.ae 

محامي وكاتب إعلامي 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر