مساحة ود

الشغف

أمل المنشاوي

يحفز الهمم ويستنفر الطاقات ويجعلنا نؤدي أدوارنا في الحياة كأفضل ما يكون، يخلق تميزاً وإبداعاً وتألقاً، ينير الطريق ويدفعنا نحو المزيد بلا كلل أو تعب.

يرفع في عروقنا النشاط والقوة، ويُخرج أفضل ما فينا؛ فنحب معه الوقت والجهد ونحارب به وطأة الملل من تكرار المهمات.. إنه الشغف، الذي يصنع منا صوراً مختلفة للمستقبل ويطورنا ويعلي شأننا.. الشغف، الذي يخلق فينا الإبداع والأداء بأقصى ما نستطيع.

الشغف، ذاك الذي نحقق به أحلاماً كانت ذات يوم بعيدة المنال، ويجعلنا نحب الناس والأشياء من حولنا ويحمينا من الندم أو التحسر على البدايات الخطأ، أو الطرقات التي لم نسلكها خوفاً أو حرجاً.

الشغف هو الهوايات والميول التي وضعها المولى عز وجل لبنة صغيرة في تكوين عقولنا وأبداننا، لكل منا نصيب منها، لتتوزع الأدوار وتتنوع مهام الحياة لتحقيق هدف إلهي أزلي سامٍ، أساسه عمارة الأرض وتسخير خيراتها لبني الإنسان.

الشغف، كنز كامن تظهر إشارات وجوده في السنوات الأولى من عمر الطفل وللأسف لا ينتبه له كثير من الآباء والأمهات رغم ما فيه من خير كبير مهما كان بسيطاً أو لا يتوافق مع ما يتمنونه لطفلهم.

الشغف، تطمس ملامحه الاختيارات المسبقة التي يفرضها الأهل أحياناً على أبنائهم، أو نفرضها على أنفسنا خشية العرف السائد أو الثقافة الموروثة بلا تفكير أو مراجعة.

يقتله التجاهل وعدم الرعاية والإصرار على إطار وحيد للنجاح أو مسار بعينه للتعليم أو شكل محدد للمنزلة الرفيعة.

نظلم أنفسنا وأبناءنا كثيراً، حين لا نقف معهم في صف الحياة وشغفها، حين نصر على دراسة تخصص لا يحبونه أو عمل لا يرضي طموحاتهم وأحلامهم، فقط لأننا نخشى لوم من حولنا أو نظرتهم الدونية لما قد يكونون عليه في المستقبل.

الإبداع وتنوع المهن والأعمال سنة كونية والأنبياء والرسل خير دليل، والذكي من ساعد نفسه ومن حوله على تتبع شغفه والسير خلفه طالما لم يهدم قيماً أو صاحبته معصية.

لا يهم أبداً أن يكون أبناؤنا الأفضل في كل الأشياء بل الأهم أن يكونوا سعداء متصالحين مع أنفسهم ومع العالم حولهم، لا يشعرون بالنقص أو الندم.

انظروا جيداً في عيون أبنائكم وتفحصوا وجوههم وفتشوا عن ميولهم، وراقبوا أين تكمن أعظم إنجازاتهم، وضعوهم على الطريق.

أخبروهم بأن يتبعوا شغفهم، واحترموا قدراتهم، وأحبوهم بالعيوب قبل الميزات، هذا هو التأسيس الحقيقي لحياة ناجحة بلا تشوهات أو عثرات.

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر