مساحة ود

ردّ «النصيب»

أمل المنشاوي

نرسمه صوراً مكتملةً لا تحتمل النقصان، نحفر ملامحه في الوجدان، نترقبه كل صباح علّه يطرق الباب بلا موعد أو استئذان.

نرفض أن نتنازل عن أحلامنا وخيالنا وتطلعنا للعيش في ظل غيره بحجة أنه قادم لا محالة، دون أن ندرك أنه جاء مرات ومرات طارقاً الباب فلم يلقَ إلا الصد والرفض، وبأنه ذهب إلى غير رجعة فندرك مع الوقت قيمة ما حمله لنا من هدايا ربانية وفرص نادرة التكرار.

هو «النصيب» الذي نسوقه حُجة واهية لكلمة «لا» التي تسبق أي تفكير أو منطق أو استخارة، فكم من فتاة حرمت نفسها السعادة حين ردته، فرفضت هذا وذاك بحثاً عن وهم الصورة المكتملة، مكتفية بأن «النصيب لم يأتِ بعد»، دون أن تعي بأن مدد الخير يمتد مع الرضا طالما اخترنا ذوي الخُلق والدين.

وكم من شاب عانى البطالة والعوز حين لم يعجبه عرض أول وظيفة أو ترفّع عن القيام بمهام لا تناسب قدراته، وفق تقديره لذاته، دون أن يدري أن الأبواب تُفتح مع السعي وأن الفتوحات العظيمة بدأت بخطوات صغيرة.

الشباب والفتيات يحتاجون أحياناً كثيرة إلى من ينير عتمة طريقهم ويوضح حقائق الحياة التي تغيب عنهم بحكم صغر سنهم وقلة خبراتهم، وهذا دور الأسرة، حين تدرك أن سعادة فلذات أكبادهم أهم كثيراً من المظاهر والتباهي، حين تُعلم الفتاة أو الشاب أن قول «لا» بلا مبرر هو رفض لخير قد يكمن في ما لا يصادف هوى في نفسيهما.

«النصيب» عطية ربانية تطرق أبوابنا بعدل إله حرّم الظلم على نفسه قبل أن يُحرمه بين الخلق، نتساوى في منحه ومنعه وإن تنوّع واختلف.

الزواج والعمل والنجاح والرزق، أشياء قدرية، لكل منا نصيب منها، لكن علينا أن ندرك أنه لا شيء مكتمل في دنيا عنوانها الأكبر أنها «دار شقاء»، وأن وعد «الحياة الطيبة» يتحقق مع استقبال عطايا الخالق عز وجل بنفوس مبتهجة قانعة.«النصيب»، يأتي بقدر سلامة صدورنا وحسن نوايانا، لا بما نتخيله ونتطلع إليه؛ والسعيد من فتح بابه واستقبله برضا، والشقي من رده وأغلق بابه وقال «لا». «النصيب»، يأتي بقدر سلامة صدورنا وحسن نوايانا، لا بما نتخيله ونتطلع إليه؛ والسعيد من فتح بابه واستقبله برضا، والشقي من رده وأغلق بابه وقال «لا».

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر