5 دقائق

التواصل الاجتماعي المهني

الدكتور علاء جراد

يقضي الإنسان العادي هذه الأيام ما بين ساعة إلى خمس ساعات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتختلف المنصات باختلاف الدول والثقافات، ففي بعض البلدان يتصدر «فيس بوك» المشهد، وفي البعض الآخر يتصدر «تويتر» أو «تيك توك» المشهد، الخلاصة أن الإنسان أصبح شبه مرتبط يومياً بتلك المنصات، شاء أم أبى، وفي العالم العربي لا توجد إحصاءات دقيقة، ولكن من التقارير واستشراف رأي بعض الزملاء، يقضي الغالبية نحو ثلاث ساعات يومياً، معظمها في مشاهدة وقراءة مواد، أو المشاركة في نشر بعض المواد، والكثير يقضي معظم الوقت في نقاشات ومجادلات لا طائل منها، خصوصاً في أمور غيبية أو دينية أو طائفية. ثلاث ساعات يومياً تعني 1095 ساعة سنوياً، أي نحو 46 يوماً في السنة تضيع هباءً منثوراً.

ماذا لو استخدم ذلك الوقت في تعلم لغة جديدة؟ من دون أدنى شك يمكن أن يتقن الإنسان لغة في هذا العدد من الساعات، لو واظب عليها، بل يمكن أن يتعلم أكثر من لغة، ولكن لمن لا يرغب في تعلم لغة جديدة، ماذا لو تم استثمار هذا الوقت في التواصل الاجتماعي أيضاً، ولكن في تواصل مفيد ومجدٍ مهنياً، تواصل يعود عليك بالعلم، وتكوين شبكة علاقات دولية، وينعكس في رصيدك المصرفي! هناك العديد من شبكات التواصل الاجتماعي والمجموعات المهنية، مثل Xing وLinkedin، وهي تختص بالتواصل في مجال العمل والأعمال، ولا مانع أيضاً من جانب اجتماعي شخصي، مثل الاحتفال بعيد ميلاد الأصدقاء، أو مشاركة نجاحاتك وأخبارك معهم. ولي تجارب عديدة من خلال التواصل على هاتين الشبكتين، فعندما كنت أبحث عن موضوع لرسالة الدكتوراه، كنت أطرح أسئلتي على تلك الشبكات، ثم تعرفت منها إلى المشرف الذي أشرف عليّ، ثم بدأت في استخدامها لمساعدة طلابي في الحصول على تدريب عملي لدى شركات دولية، كما حصلت على العديد من مشروعات الاستشارات والتدريب من خلالها، بل وعدة عروض وظيفية، ومن خلال Linkedin تعرفت إلى ثلاثة رؤساء وزارة، وأكثر من 10 وزراء وأعضاء في البرلمان وفنانين وباحثين وطلاب، ولي أصدقاء في معظم جامعات العالم، وفي معظم دول العالم، قابلت الكثير منهم في بلدانهم، وزاروني أيضاً.

صديق تعرفت إليه من المالديف، عرّفني إلى وزير التعليم هناك، ووزير الخدمة المدنية، وعدد من الزملاء في مجال الجودة والبحث العلمي، وقابلتهم، واستضفت بعضهم أيضاً، زملاء من البرازيل، اليونان، الدانمارك، الفلبين، فنلندا، فيجي، ماليزيا، والإكوادور، تخيل أن لك أصدقاء حقيقيين في دول العالم، وفي مجال عملك واهتمامك، تتبادلون أخبار مهنتكم، وينصح بعضكم بعضاً، وتشاركون الفرص فيما بينكم، ولكن كما قلت فهي استثمار وعلاقة من طرفين، أي أنك تعطي بقدر ما تأخذ، وربما أكثر. لن تحتاج أكثر من ساعة يومياً لبناء تلك الشبكة المهنية، فكفى إهداراً للوقت على الـ«فيس بوك» والـ«إنستغرام» وما شابه، وكفى جدالاً وخلافات لا يأتي من ورائها إلا الطاقة السلبية والشقاق والكراهية، إن الوقت نعمة من المولى يجب أن نحسن استخدامها، لأننا سنحاسب عليها. المهم أن نبدأ ولا نتراجع.

• هناك العديد من شبكات التواصل الاجتماعي تختص في مجال العمل والأعمال.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر